شرح أجزاء نصب الحرية
نصب الحرية هو أكبر نصب في الشرق الأوسط تم تنفيذه في المساحة الفاصلة بين حديقة الأمة وساحة التحرير .أما محتويات هذا النصب العظيم فتتكون من 14 جزءَ تمثل ثورة 14 تموز التي قام بها الشعب ضد الحكم الملكي الأستبدادي كما أعتقد من أجل تحريره . فهل تحرر الشعب من العبودية والأستغلال ، أم دخل في منعطف آخر أكثر تعقيداً وظلماً وأستغلالاً كما نراه اليوم . أترك الجواب للأخوة القراء لكي ندخل في شرح مكونات الجدارية وحسب الترتيب أبتداءَ من جهة اليمين الى اليسار . لأن شرح وفهم الجدارية مهم جداً ، وكما نعلم أن أكثر أبناء شعبنا لم يفهموا شيئاً من موضوع الجدارية الا القليل جداً من المثقفين منهم ، لهذا تقتصر معرفتهم فقط بأنه نصب للحرية دون البحث في التفاصيل . الجدارية تمثل ثلاث مراحل وهي : مرحلة ما قبل الثورة . ومرحلة الثورة ، ومرحلة ما بعد الثورة . لنبدأ بشرح التفاصيل :
اجزاء نصب الحرية
الحصان
الحصان الجامح على يمين الجدارية ذو الرأس المستدير على شكل دائري يمسكون به الرجال بقوة لكي يسحبوه الى اليسار . الحصان يرمز الى الأصالة والقوة . لا يوجد فارس على الحصان لأن الشعب أسقط الفارس المتمثل بالعهد الملكي .والمقصود به تمثال الجنرال مود الذي كان امام السفارة البريطانية . وتمثال الملك فيصل ممتطياً جواده قرب الأذاعة . هكذا دمج الفنان الحصانين بواحد بدون فرسان لأنهم أسقطوا .
رجال الثورة
أنها ثورة ضد نظام سابق يعبر عنها الفنان بأنها ثورة ضد الظلم وهؤلاء الثوار يحملون لافيتات عالياً . أنها انتفاضة العراق الجديد في تاريخه الحديث . أشترك فيها الرجال والنساء . هناك تناغم وتواتر في أتجاه سيقان الأشخاص . نؤكد أتجاه الحركة عموماً الى الأعلى ، تنتهي باللافيتات البرونزية العالية والتي تكمل الحركة الدائرية كله من أجل الحصول على التوازن في الجدارية .
الطفل
في نهاية سير الأشخاص نجد طفلاً رفع يديه المقطوعة ليبارك عمل الكبار في محاولته خلق المستقبل الذي يحمل الحرية والمساوات . الطفل هو المنحوتة الوحيدة التي جعلها الفنان جواد سليم مجسمة تعبيراً عن حبه للأطفال ومستقبلهم . هنا نجد تأثر الفنان بفن النهضة الأيطالية حيث الطفل يمثل السيد المسيح مشيراً الى ميلاد حياة عراقية جديدة فيها البراءة والحب والمستقبل المشرق الخالي من الأستغلال والعنف والأحتكار .
المرأة الباكية
أنه دور المرأة في الأنتفاضة والتي تعبر عن ما في داخلها بحركاتها بعبائتها العراقية ، بزغاريدها ، بوجودها الى جانب الرجل لكي تجعلمعنى الثورة متواصلاً .ثكلى تبكي على أبنها أستشهد في سبيل رفع الظلم . هنا يذكرنا الفنان جواد بمنحوتات الرثائية الأخيرة التي جعل فيها عبقريته . ولعله ليس من العبث أن فلورنسا مدينة ذلك الفنان مكاناً لنحت العملاقة .
وطفلها العلاقة بين الأم وطفلها يمثل الحنان ، لرضيعها . وفي هذا الشكل الدائري بالحياة الجديدة كالسور الذي يعطي له
الشهيد
هنا نجد أم الشهيد الذي والأستعمار مايكل أنجيلو خلاصة جواد أختار جداريته
أم
أنه تعبير عن الأم تحيط الأم الحماية . يشكل هذا الجزء علاقة مع الشكل السابق ، أي الموت من أجل حياة جديدة .دماء الشهداء تروي الأرض لكي تعطي الأفضل
السجين
سجين مقيد خلف قضبان حديدية لكن الفكر والأرادة تسمو لكي تعطي الثورة للآخرين والتي تنتهي بثورة على الظلم
فالشعب الثائر حطم القضبان لكي تتحرر الأبطال فتكمل الحرية . كان العراق ملىء بالسجون في المدن والصحاري القاحلة تنتظر نزلائها يوم الفرج .
الجندي
هنا نجد ثمرة الصمود والثورة جندي في صولة عنيفة وقوة جبارة تفاعلت ساقيه والذراعين والبدن بحركة هجومية لا تعرف الموت من أجل تحطيم قضبان السجون لكي تشرق من فوقه شمس الحرية . أنه يوم فجر الثورة والشمس هو رمز العراق القديم الذي نشاهده في أعمال حضارات أجدادنا ومنها على مسلة حمورابي . هنا داس الجندي كل أتراس قوة الظلم وعبر الى الحياة الجديدة . يعتقد بأن الفنان كان يقصد في هذا الجندي عبدالكريم قاسم الذي كان قائد الثورة لكنه لم يضع له تفاصيل الوجه لكي لا تدخل فكرة الموضوع في منعطف آخر يدينه التاريخ بسببه
الحرية
أمرأة تحمل شعلة الأنتصار وهي تحلق فوق الأرض ، لم يجعل لها الفنان أقدام لأنها لا تحتاجها عندما تسمو عالياً .
السلام
بعد أن تحققت الحرية نسج الفنان من شجر ووجه فيه السلام القضبان أغصان والثوب الذي يحدد تحيطه ضفائر الأنهر والشلالات. أما الحمامة فتعبر عن الجسم وكأنه مياه أكتاف العراقيات . في هذه المنحوتة نجد السلام المستقر على والجمال . أنها أروع قطعة في النصب . لا الشاعرية مع القوة الفنان في حياته . أنه يعبر عن حب الفنان وبل أبدع ما قدمه وللمرأة . يعتبر هذا الجزء درة من درر الفن لبغداد وللحرية العراقي المعاصر .
نهر دجلة والفرات
مَثَلَهمت الفنان بنساء العراق . أحداهن فارعة الطول كالنخل والتي أنتشرت سعفه حول رأسها وهي تمثل دجلة . كلمة دجلة عراقية قديمة تعني( النخيل ) والأخرى أقصر طولاً حبلى ، أي أنها خصب كالسنابل التي تحملها على كتفها ، أنها تمثل نهر الفرات . أما الثالثة فهي صبية تحمل على رأسها خيرات الأرض ولعلها روافد دجلة والفرات . بعد النحوتة السابقة تغير الأسلوب والأيقاع ، تغير التوتر والغضب الى سمفونية أخرى تعبر عن السلام والخير حيث النخل والسنابل والعطاء
الزراعة
هنا نجد فلاحان معهما المسحاة يمثلان العرب والأكراد وأحد الرأسين جعله الفنان على نمط الآشوري القديم اشارة الى تسلسل الحضارات على أرض العراق . كما وضح في الأيادي القوية المستعدة للزرع ويدا الشخصيتين تتعاقد للعمل معاً من اجل الحب والتآخي . والرجلان هنا يوازيان منحوتة المرأتين من حيث الشكل والأيماء .
الثور
هو من أقدم رموز العراق يشير الى الفحولة والخصب والقوة ويرمز الى الثروة الحيوانية . وهناك توافق بين الحصان في أقصى يمين الجدارية ، والثور في أقصى اليسار .
الصناعة
في النهاية نجد عامل واقف وشامخ متفائل يمثل الصناعة والأنتاج ، وهكذا يعمل الجميع من أجل بناء العراق الجديد ليكون هذا الجزء الأخير خاتمة لملحمة الحرية في العراق الجديد .
المصادر
1- كتاب نصب الحرية للأديب جبرا أبراهيم جبرا
2- كتاب الدكتور خالد القصاب ( ذكريات فنية )
3- مذكرات المهندس رفعت الجادرجي