الانتداب البريطاني على العراق

بعد اندلاع الحرب العالمية الاولى عام 1914 ودخول الدولة العثمانية في تحالف إلى جانب ألمانيا ضد دول الحلفاء بزعامة بريطانيا وفرنسا وروسيا القيصرية ، ادى ذلك إلى قطع خطوط المواصلات الاستراتيجية لبريطانيا مع مستعمراتها مما ادى بالتالي إلى انقطاع شريان الامدادات الحيوي للحرب والحياة العامة البريطانية بسبب اعتمادها الكلي في مواردها وموادها الاولية وتمويل قطعاتها علاوة على منافذ التجارة التي تعد عماد الاقتصاد البريطاني ، الامر الذي ادى ببريطانيا إلى اعتماد خطة سريعة الهدف منها احتلال العراق من بين عدد من الاهداف ، في الوقت الذي كان الجهد العسكرى في المواجهات مع ألمانيا وحلفائها منصبا على الجبهات الرئيسية في قلب اوربا . وبعد تمكن القطعات البريطانية التابعة لحكومة الهند الشرقية البريطانية من احتلال العراق بصعوبة بسبب الهجمات العثمانية المضادة مع المتطوعين فيما سمي بالجهادية ، لولا انهيار الجبهات الالمانية في قلب اوربا واضطرار العثمانيين لفتح جبهات متعددة منها الشرقية مع روسيا والغربية في البلقان والعربية في الشام والعراق والحجاز واليمن ، ثم انسحاب الحليف الروسي من الحرب . وبعد اتمام احتلال العراق وضع تحت انتداب عصبة الامم وتحت الادارة البريطانية وذلك عام 1918 .

انتداب عصبة الامم للعراق تحت الادارة البريطانية

بعد بسط النفوذ البريطاني على مجمل الاراضي العراقية جراء الاحتلال البريطاني للعراق عزمت بريطانيا إلى تاسيس بعض الدوائر والمؤسسات المدنية لتسهيل هيمنتها على العراق.

بعد انتهاء الاعمال الحربية ناقشت عصبة الامم موضوع انتدابها للعراق حيث قررت ان يكون منتدبا من قبل عصبة الامم وان تديرة مباشرة المملكة المتحدة وليست حكومة الهند الشرقية ، الا ان بريطانيا اوكلت لقادتها الميدانيين من جيش حكومة الهند البريطانية بتشكيل الادارة المدنية تحت الادارة الظاهرية للمملكة المتحدة.

شكلت القوات البريطانية ما سمي بالادارة المدنية البريطانية في العراق تراسها السير بيرسي كوكس حتى مايو/ ايار عام 1918 فتبعه السير ارنولد ولسون ، الذي الغى العديد من المؤسسات الادارية العثمانية وانشاء محلها مؤسسات عسكرية خصصت لادارة الشؤون المدنية ووضع على راسها ضباطا من رتب عالية لادارتها بشكل اداري صارم. وهذا ما يعزى لاحقا تشبث العراقيين ولفترة طويله بشغفهم بمنح العسكريين المناصب المدنية في النظامين الملكي والجمهوري.

ففي المرحلة الاولى للحملة عند سيطرتها على جنوب العراق جلبت عالادارة المدنية عددا كبيرا من الكتبة والاداريين وارباب الاعمال الصغيرة من الهنود مع عوائلهم اضافة إلى الاعداد الغفيرة للجنود في جيش الليفي الذين جلب قسم منهم عوائلهم معه. حيث مارست الحكومة المؤقتة البريطانية – الهندية سياسة التهنيد من خلال فرض القانون الهندي لحين صياغة الدستور العراقي عام 1925 ، بغية الحاق العراق وضمه بالتاج البريطاني. وبعد خسارة بريطانيا حربها في العراق على اعقاب ثورة العشرين انسحبت تلك القوات تاركة خلفها تلك الاعداد من الهنود التي بقت في العراق وذابت مع المجتمع العراقي على مر الزمن.

واجه العراقيون العرب في الوسط والجنوب ، والاكراد في الشمال بضراوة الاحتلال البريطاني وسياسات التهنيد وإجراءات الاخرى للإدارة البريطانية من خلال اعمال تمرد وعصيان مسلح واخرى اعمال سياسية منظمة قادتها الجمعيات والمنتديات السرية منها القديمة التي تاسست في فترة الحكم العثماني والجيدة التي تأسست مع الاحتلال البريطاني. فيذكر عبد الوهاب النعيمي عضو جمعية العهد في كتابه مراسلات تاسيس العراق 1920 – 1922 بان ياسين الهاشمي رئيس جمعية العهد كان قلقا حيال نوايا الادارة المدنية البريطانية بضم العراق للتاج البريطاني, وكان يشاطره الرأي كل من نوري السعيد وجعفر العسكري وعبد المحسن السعدون ورشيد عالي الكيلاني وبكر صدقي ، وجميعهم اما من اعضاء الجمعيات السرية او من ارفع الضباط رتبا في الجيش العثماني ولاحقا في الجيش العربي الذين حاربوا مع الشريف حسين وهم الان يعدون من النخب السياسية التي ستسهم لاحقا في تاسيس المملكة العراقية .

عملت تلك القوى السياسية اضافة إلى شيوخ العشائر الذين تاجج لديهم الحس الوطني بضرورة التحرك الجماعي والانتفاض على الحكم البريطاني فتاججت ثورة العشرين التي طالبت بضرورة استقلال العراق في مملكة ذات سيادة حيث تعالت الاصوات للمناداة بالامير فيصل الاول الذي كان ملكا على سوريا وما لبث الفرنسيون ان اسقطو حكمه فعمل على مقارعتهم من خارج سوريا. نادى احرار العراق بالامير فيصل اخلاصا لذكرى الشريف حسين صاحب ثورة العرب واستقلالهم حيث نادى هؤلاء بفيصل كونه الملك على سوريا وتنفيذا لمشروع وحدة ولايات العراق والشام.

دونت جيرترود بيل المستشارة البريطانية في الادارة المدنية البريطانية في العراق ، بانه لابد من اسكات القوى الوطنية من قوى سياسية وعسكرية وعشائرية والتي تقود الراي العام العراقي التواق للتحرر والمناهض للهيمنة البريطانية ، وذلك من خلال اعطاء العراق شكل من اشكال الحكم الذاتي المرتبط بالإمبراطورية البريطانية. وهي خطوة ضرورية وحسب راي المس بيل للحؤول دون تطور النزعة القومية المكبوتة والمتعاظمة لدى العراقيين والشاميين. وهذا ما تم بعد ثورة العشرين حيث لجئ البريطانيون إلى سياسة ارضاء الثوار من خلال التشاور معهم وتنفيذ بعض مطاليبهم منها الغاء الادارة المدنية وانشاء وزارة مؤقتة تشرف على انشاء مجلس تاسيسي مهمته انتخاب ملكا للعراق وصياغة الدستور والشروع بانشاء بعض المؤسسات الهامة .

مراجع

•ويكيبيديا العربية

•عبد الرزاق الحسني ، تاريخ الوزارات العرقية ج1 .

•د. مؤيد الونداوي ، العراق في التقارير السنوية للسفارة البريطانية.1992 .

•عبد الوهاب بيك النعيمي ، مراسلات تأسيس العراق,1920 - 1922 .

•د. جعفر عباس حميدي ، التطورات السياسية في العراق ،1980 .

•كامل الجادرجي ، مذكرات كامل الجادرجي ، 1970 .

•فاروق صالح العمر ، المعاهدات العراقية - البريطانية .

•د. چارلس تريب ، صفحات من تاريخ العراق المعاصر ، 2002 .

•د. ماري باترك ، سلاطين بني عثمان ، 1986