الحيرة
الحيرة هي مدينة تاريخية قديمة تقع في جنوب وسط العراق وهي عاصمة المناذرة وقاعدة ملكهم, تقع أنقاضها على مسافة 7 كيلومترات إلى الجنوب الشرقي من مدينتي النجف والكوفة اللتان بفعل الزحف العمراني أصبحتا متلاصقتين, وتمتد الأنقاض من قرب "مطار الإمام علي" حتى "ناحية الحيرة" التابعة لقضاء المناذرة (أبوصخير) ولا تزال ناحية الحيرة التي تشكل جزءا من مدينة الحيرة القديمة مأهولة بالسكان. كانت الحيرة وجنوب العراق بشكل عام يطلق عليهم عربستان تحت الحكم الفارسي الساساني.
عصر الازدهار
موقع الحيرة له تاريخ قديم الأرجح أنه يرجع لزمن مملكة تدمر -حيث ورد اسمها في نص مؤرخ لعام (132م)- أو إلى ما هو أقدم من ذلك، ذكرها من الروم كلوكوس واسطفانوس البيزنطي ومن السريان يوحنا الأفسوسي ويوشع العمودي، ولكن فترة ازدهارها لم يبدأ إلا مع حكم سلالة المناذرة الذين عمروها واهتموا بها ولاسيما النعمان بن امرؤ القيس. أقدم أبنية تم الكشف عنها في الحيرة ترجع إلى القرن الثالث الميلادي. وبعد ظهور الإسلام فتحت الحيرة صلحا ودخلت تحت سلطة الخلافة الإسلامية, وفي عام 691 م في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان دمجت كثير من ضواحي الحيرة مع الكوفة.
الحيرة اليوم
الحيرة اليوم هي ناحية تابعة لقضاء المناذرة (أبو صخير) ويتبع لهذا القضاء أيضا (المشخاب والقادسية) وهذا القضاء بدوره يقع ضمن محافظة النجف العراقية ; تشهد الحيرة نموا ملحوظا وسريعا، كان قد أنطلق في الثمانينات من القرن العشرين ويستمر ليومنا هذا. تشتهر الحيرة دينيّا "بدائرتها" التي هي تمثيل سنوي لواقعة عاشوراء حيث تجري الواقعه في ساحه كبيره وتوزع الادوار على الممثلين ويتواصلون بادائهم سنويا ويتجدد لهم الابداع بتجدد السنين.
ثقافة الحيرة
دفن في الحيرة عدد من الجثالقة هم داد يشوع (456)، بابوي (484)، آقاق (496)، حزقيال (581)، ايشوعياب (595)، جرجس (681) وإبراهيم الثاني المرجي (850). اشتهرت الحيرة بفنونها وصناعاتها مثل الغزل والدبغ وكانت مدينة الغناء حيث كانت مشهورة بالدف والعود والمزمار، ويذكر أن عددا من الشخصيات درسوا في الحيرة مثل بهرام الخامس الذي تعلم الأدب والفن والفولكلور والفروسية في الحيرة, وتلقى ايليا الحيري ومار عبدا الكبير تعليمهما الديني في الحيرة, وفيها تعلم المرقش الأكبر وأخوه حرملة الكتابة على يد أحد نصارى الحيرة.
خصائص العمارة
الطراز الحيري في البناء والذي يسمى "الصدر والكُمًين" يعتبر أشهر الخصائص المعمارية للعمارة في الحيرة; بني به أشهر قصور الحيرة قصري الخورنق والسدير ومن القصور الإسلامية قصر المشتى الأموي، وقصور المتوكل العباسي فانتشر حتى بلغ المغرب. لايزال النظام الحيري مستعملا في بعض مناطق العراق. يتكون الطراز الحيري من ثلاث أقسام متداخلة (قد تكون مسطحة أو مقببة) وهي الإيوان في الوسط "الصدر" وبنائين في الميمنة والميسرة "كمين" كما هي هيئة تشكيلات الجيش في الحرب، وعادة ما يفتح بابي البنائين الملحقين على الإيوان مباشرة، يكون لمدخل القصر ثلاثة أبواب باب كبير وبابين صغيران في جانبين. العناصر المعمارية التي تم الكشف عنها في الحفريات هي أنظمة تسخين المياه وأنظمة التصريفه (للحمامات)، التبليط بالجص وتبليط بالآجر، ومن أنماط تزيين الجدران الرسوم الحائطية ولوحات الجص مختلفة الأشكال منها ماهو على شكل اوراق وعناقيد العنب وسعف النخيل، ومن أنظمة التسقيف الإيوان للممرات والعقودالبرميلية للقاعات.
التنقيبات الأثرية
ذكرها العالم الأثري الألماني رونو مايسنر في العام 1902, وتم التنقيب العلمي لأول مرة بواسطة بعثة جامعة اوكسفورد عام 1931 ثم البعثة الألمانية عام 1932 ثم قاد الدكتور طه باقر في العام 1938 بعثه عراقية نقبت في الموقع بعدها تم التنقيب بواسطة البعثة اليابانية في السبعينات والثمانينات.تم العثور على عديد من اللقى الأثرية من بينها عملات معدنية وحلي ذهبية وجرار تحمل علامة الصليب وصلبان من البرونز ومصابيح زجاجية واواني وجرار فخارية وقناني زجاجية وخرز من العقيق وقطع فخارية من لونغتشيوان الأخضر، وبعض الكتابات نشرتها د. اريكا هنتر. وفي الفترة القريبة الماضية تم الكشف عن عدد من القصور والأديرة واللقى الأثرية في الحيرة التي ترجع لزمن المناذرة.