القرامطة

اسم عرفت به إحدى الفرق المنشقة التي شغلت السلطات العباسية أكثر من قرن من الزمن وتنتسب هذه الفرقة إلى رجل بسواد الكوفة كان يحمل غلته على أثوار له واسمه « حمدان » ويلقب « بقرمط » فشا مذهبه في سنة 278 هـ في سواد الكوفة وفي سنة 281 هـ دخل القطيف رجل من أتباعه اسمه « يحي بن المهدي » ونزل على رجل من أهالي القطيف يدعى علي بن المعلى بن حمدان من موالي الزياديين وكان من الشيعة وأوهمه أنه رسول من «المهدي » وأخرج له كتاب معه وادعى أنه منه - فأخبر علي بن المعلى أهالي القطيف وقرأ عليهم الكتاب الذي جاء به يحي له وأدعى أنه من «المهدي » فأجابه أهالي القطيف ووعدوه بالخروج معه إذا ظهر أمره - ووجه إلى سائر قرى البحرين بمثل ذلك فأجابته بمثل ما أجابه أهل القطيف . وكان من أشهر دعاة القرامطة صهر قرمط واسمه « عبدان » وكان فطناً خبيثاً لا يظهر أمام الناس اعتقاداته الحقيقية .

ويقول أحد المؤرخين: على الرغم مما قيل في القرامطة فإن دعوتهم ومبادئهم ما زال يكتنفها غموض شديد. ثم يقول ما نصه: وحتى المسعودي المؤرخ الشهير الذي عاصر القرامطة لا يعرف من مذهبهم شيء أكثر مما نعرفه .

ويقول آخر: لقد استفاد القرامطة من اتجاهات الأهالي في المناطق التي بدأوا بنشر مذهبهم فيها - ففي أقليم البحرين استظل القرامطة بآل البيت عليهم السلام وانتحلوا النسب العلوي لتمويه الأمر على الناس - حتى كسبوا تأييد الأهالي في القطيف وهجر وأوال والمعروف عنهم تعاطفهم وتشيعهم لآل البيت العلويين عليهم السلام .

وبهذا استطاع أبو سعيد الجنابي القرمطي من جمع خلق كثير من أهالي القطيف وهجر وأوال وقبائل البادية بإقليم البحرين وأسس دولة باسم « القرامطة » وقوى أمره وقام بغاراته على جنوب العراق وخاصة على قوافل الحجيج بين العراق والحجاز - كما هاجم عمان واستطاع القرامطة بالإغارة الخاطفة والسلب والقتل وان يبثوا الرعب في قلوب الناس مما اضطر العديد من سكان المدن والقرى والأرياف الهجرة إلى مواطن أخرى لا يطالها القرامطة .

ومن هذا يتضح أن منطقة البحرين خاصة وغالبية أقاليم الجزيرة العربية الأخرى التي طالتها سلطة القرامطة تأثرت وحدث بها بعض التغير وتجددت التركيبة السكانية فيها وخاصة منطقة البحرين التي يدخل ضمن نطاقها القطيف وهجر وأوال فمنذ أن خضعت لسلطة القرامطة هاجر عنها كثير من سكانها الذين لم يؤيدوا القرامطة ووفد إليها سكان آخرون من قبائل أخرى ساندت القرامطة وانظمت إليها في حروبها وغزواتها.

ولقد كانت البحرين عند ظهور الإسلام مأهولة بالسكان بدليل كثرة ما فيها من القرى والعشائر ويرجع ذلك إلى توفر المياه فيها ووقوعها على البحر وكان يقيم في منطقة البحرين عند ظهور الإسلام عدد من القبائل العربية كان أكثرها قبائل عبد القيس وينظم إليها عشائر من تميم ومن بكر بن وائل ومن الأزد إلا أن الإمتداد الإسلامي إليها والإستعانة ببعض سكانها في الجيوش الإسلامية في فتوحاتها المختلفة والأوضاع السياسية التي مرت بها الخلافة الإسلامية من أثر الثورات التي قامت ضدها في أقاليمها المختلفة أثرت على التركيبة السكانية في مختلف المناطق الإسلامية وخاصة منطقة البحرين التي كانت ملاذاً لعدد من الحركات والتي كان من أشدها حركة القرامطة التي أورد عنها المؤرخون ما قامت به من أعمال ضد السكان في منطقة البحرين بعدما قوي شأنهم فيها.

ظهور القرامطة

من أخبارهم في سنة 286 هـ ظهر أبو سعيد الجنابي القرمطي بالبحرين واجتمع إليه خلق كثير وجماعة من الأعراب - وقتل من حوله من القرى - ثم سار للقطيف - فقتل من بها وفي سنة 287 هـ في ربيع الآخر أغار على نواحي هجر بمساندة بني كلاب وعقيل والحريش إلا أن أبا سعيد ما لبث أن حاصرها وطال حصاره لها على نيف وعشرين شهراً، حتى أكلوا الكلاب فجمع أصحابه وعمل دبابات ومشى بها الرجال إلى السور فاقتتلوا يومهم وكثر بينهم القتل ثم انصرف عنهم إلى الأحساء وباكرهم فناوشوه وانصرف إلى قرب الأحساء ثم عاد في خيل فدار حول هجر يفكر فيما يكيدهم به فإذا لهجر عين عظيمة كثيرة الماء تخرج من نشز من الأرض غير بعيد فيها منتجع ماؤها في نهر يستقيم حتى يمر بجانب هجر ثم ينزل إلى النخل فيسقيه فكانوا لا يفقدون الماء في حصارهم - فلما تبين له أمر العين انصرف إلى الأحساء، ثم غدا فأوقف على باب المدينة رجالاً كثيراً ورجع إلى الأحساء وجمع الناس كلهم وسار في آخر الليل فورد العين بكرةً بالمعاول والرمل وأوقار الثياب الخلقان ووبر وصوف وأمر بجمع الحجارة ونقلها إلى العين وطرح فوقها الرمل والحصى والتراب والحجارة فقذفته العين، ولم يغن ما فعله شيئاً فانصرف إلى الأحساء بمن معه .

وغدا في خيل فضرب البر حتى عرف أنه منتهى العين بساحل البحر وانها تنخفض كل ما نزلت، فرد جميع من كان معه وانحدر على النهر نحو من ميلين ثم أمر بحفر نهر هناك وأقبل يركب هو وجمعه في كل يوم والعمال يعملون حتى حفره إلى السباخ ومضى الماء كله فصب في البحر ثم سار فنزل على هجر وقد اقتطع الماء عنهم ففر بعضهم فركب البحر ودخل بعضهم في دعوته وخرجوا إليه ونقلهم إلى الأحساء وبقيت طائفة لم يفروا لعجزهم ولم يدخلوا في دعوته فقتلهم وأخذ ما في المدينة وأخربها فبقيت خراباً وصارت الأحساء مدينة هجر .

كما واقع بني ضبة وقائع مشهورة، فظفر بهم وأخذ منهم خلقاً وبنى لهم حبساً عظيماً جمعهم فيه وسده عليهم ومنعهم الطعام والشراب، فصالحوه فلم يغثهم فمكثوا على ذلك شهراً ثم فتح عليهم فوجد أكثرهم موتى ويسيراً بحال الموتى وقد تغذوا بلحوم الموتى فخصاهم وخلاهم فمات أكثرهم .

وهذه نماذج من أعمال القرامطة في منطقة البحرين فقد عاثوا فيها فساداً وهجَّروا غالبية سكانها من عبد القيس وغيرهم إلى مناطق أخرى في العراق وغيرها وأسكنوها لقبائل أخرى من الموالين لهم وأبناء أسرهم وممن تغلبوا عليهم في حروبهم.

أما مَن تبقى مِنْ عبد القيس في المنطقة فقد دفع بهم القرامطة في وجه أبو البهلول عندما ثار ضدهم وطرد عمالهم من جزيرة «أوال» وخطب له فيها بالأمر، فقد اطمع القرامطة عبد القيس في استرجاع جزيرة أوال على أن يولوهم حكمها وأركبوهم البحر فأتوا جميعاً إلى الموضع المعروف بكسكوس ونازلوا أبو البهلول وانتصر عليهم وهزمهم وشتت شملهم وقضى على من أسره منهم .

ما بعد القرامطة

مع أفول نجم القرامطة تكاثرت القبائل العربية، ويقول أحد الكتاب ان القبائل العربية قد كثرت في ذاك بالبحرين وكل منها له شأن وغرض يرمي عليه ويتحين الفرص للحصول عليه وأكثر القبائل وأظهرها وأقواها ثلاث: بنو ثعلبة، وبنو عقيل، وبنو سليم، وأظهرهم بنو ثعلبة وهم الطامحون إلى الملك والرئاسة ورئيسهم يومئذ الأصفر بن أبي الحسن الثعلبي وهو الذي أوقع بالقرامطة واحتوى على ملكهم [16] والأصفر من بنو حمدان بن حمدون من قبيلة تغلب وقد تمكن بمساندة العباسيين من اضعاف القرامطة والحكم في دارهم باسم العباسيين إلى أن تم الملك للعونيين بالمنطقة. واعتقد أنه هو الأمير العربي الذي ذكره صاحب سفر نامه في رحلته وقال انه رابط على أبواب الحسا سنة كاملة واستولى على سور من اسوارها الأربعة وشن عليها غارات كثيرة، ولكنه لم ينل من أهلها شيئاً، وقد سألني حينما رآني عما تنبىء به النجوم، قال أريد أن استولي على الأحساء فهل استطيع أم لا ؟ فإن أهلها قوم لا دين لهم، فأجبته بما طيب خاطره .

مع ان مباديء القرامطة غامضة كما قاله المسلم إلا ان هناك من قال قد تفردوا بأشياء منتقده وأمور مبتدعه وقاموا بأعمال فظة بشعة كتعرضهم لقتل حجاج بيت الله الحرام وهدمهم الكعبة قبلة الإسلام وأخذهم الحجر الأسود وعزمهم على تحويل الحج إلى هجر وأمثال ذلك من قتل النفوس البريئة فإنها كلها أعمال كفرية بربرية نعوذ بالله من فاعلها كائناً من كان ونبرأ إلى الله منهم في الدنيا والآخرة وما جاء به القرامطة من أمور مبتدعة وما قام به قادتهم من أعمال منتقدة شجع الأهالي في القطيف وهجر وأوال والقبائل في أريافها على العصيان والتمرد.

ويبدو أن القتال بين القرامطة وجيرانهم من القبائل بقي متوالياً كما قام الأهالي بسلسلة من الثورات ففي سنة 458هـ خرجت جزيرة أوال عن طاعة القرامطة في البحرين بعدما قضت على قوات القرامطة البرية والبحرية كما ثار يحي بن العياش في القطيف وأنهى سلطة القرامطة فيها واستولى عليها إلا أن أخطر قوة واجهت القرامطة في البحرين هي قوة عبدالله بن علي العيوني حيث استطاع بمساعدة القبائل العربية التي دعم بها من نجد والحجاز وبمساعدة ملكشاه السلطان السلجوقي ان يحتل الأحساء بعد ما انتصر على القرامطة في موقعة «الخندق» سنة 469 هـ وعن هذه الوقعة يقول أحد المؤرخين، تعد موقعة الخندق من المواقع الحاسمة في التاريخ لأنها قضت على دولة القرامطة نهائياً بعد ان ظلوا زهاء قرنين مصدر الرعب والفزع للناس .

دولة العيونيون

ويقال أن العيونيين من قبيلة عبد القيس، إلا ان ابن سعد الأندلسي الذي ولد في العقد الأول من القرن السابع للهجرة يقول انهم يرجعون في نسبهم إلى قبيلة تغلب بن وايل بن قاسط بن أفصي بن هنب بن دعمى بن جديلة بن أسد بن ربيعة - عندما تطرق لتغلب بن وايل في مؤلفه حيث قال وبلادهما كانت بالجزيرة الفراتية - ولعزتها في ربيعة غلبت على السهل عند حرب وايل وارتفعت أخوتها بكر إلى الجبال .

وكانت النصرانية غالبة على تغلب لمجاورة النصارى وهم رهط الأخطل النصراني، شاعر بني مروان، ولم يبق لهم الآن في البرية قائمة، وكان منهم بنو حمدان ملوك الجزيرة في الإسلام والشام، وكان منهم فرقة عظيمة يقال لهم: بنو أبي الحسين « العيوني » غلبوا على البحرين وملكوه زماناً، فغلب عليهم بنو عامر الذي هو بأيديهم الآن وصاروا فلاحين تحت أيديهم وبنو عامر هؤلاء هم العماير المعروفين اليوم ببطن رئيسي في قبيلة بني خالد، والمتصل نسبهم بسيف الله خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي والعماير من ذرية ابنه المهاجر بن خالد بن الوليد، والمهاجر هاشمي المشرب وكان قائداً في جيش أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في يوم صفين.

وليس لهم صلة بعامر عبد القيس الذي انحلت عندهم رابطة القبيلة منذ أن قوي نفوذ القرامطة في المنطقة وذابوا في بلدانها ودرجوا - كما توهم البعض. بالإضافة إلى ذلك هم أيضاً بعيدين كل البعد أن يكون لهم صلة نسب بقبيلة عامر بن صعصعة - القبيلة الهوازنية المضرية المعروفة في قبائل ما قبل الجاهلية - وقد ذكرهم الحمداني وبعد نسبهم عن ذلك. وربط نسب كل من نشاء في بلاد إلى القبيلة التي سبقته الإقامة بها أو السيادة عليها أمر مرفوض ما لم يوجد ما يؤيد ذلك.

والحمدانيون شيعة ومذهبهم إمامية أثني عشرية ، وذلك واضح في شعر أبي فراس الحمداني حين يقول متوسلاً:

شافعـي أحمـد النبـي ومــولاي** عــلــيٌّ والـبـنــت والـسـبـطـان

وعلـي وباقـر العلـم والصـادق** ثـــــم الأمـــيـــن ذو الـتـبــيــان

وعـلــي ومـحـمـد بـــن عــلــي** وعـلــي والعـسـكـري الــدانــي

والإمام المهدي في يوم لا ينفع **إلا غـــفـــران ذي الــغــفـــران ومع ذلك طاردوا القرامطة ولهم معهم حروب ومناوشات، فقد طارد الحسين بن حمدان القرامطة أينما حلوا وحيثما وجدوا، وأوقع بهم الهزائم الشنعاء التي لم يذوقوها من قبل، وطاردهم في الشام وقتل زعيمهم صاحب «الشامة» الذي كان قد جبى الخراج من دمشق ولقب نفسه بأمير المؤمنين .

واتجه لهم أيضاً في الأردن عندما علم أنهم احتلوها وما كادوا يشعرون به حتى فروا من وجهة إلى السماوة لأنه أرهبهم بالهزائم التي تلقوها منه حتى أصبحوا يخشونه في كل مكان يحلون فيه أو ينزلون به وكذلك أوقع أبو العلاء سعيد بن حمدان - والد الشاعر الأمير الفارس أبي فراس الحمداني قبيلة بني عقيل عندما انظمت إلى القرامطة - واشتبك معها في معركة بموضع من نجد يقال له « سرح » وأنزل بهم هزيمة منكرة .

والمعروف مما سبق ذكره أن حركة القرامطة تم القضاء عليها نهائياً في هجر على أيدي العيونيين والذي نسبهم «أبي سعيد الأندلسي » لقبيلة الحمدانيين (فهل العيونيون شيعة ؟) يقول العماري عن ابن المقرب العيوني الشاعر الأمير:

جاءت الدراسات الحديثة فأصدرت أحكاماً متضاربة كانت تميل في أغلبها إلى القول بأن ابن مقرب من أجل السنة وقد اعتمدت في ذلك على شعر ابن المقرب، ومع وجود اتجاه آخر يرى انه من أتباع المذهب « الزيدي» .

إلا ان العماري يرى انه شيعي وحجته في ذلك بعض قصائد ابن المقرب التي ترد فيها اشارات تدل على انه ذو اتجاه شيعي ويقول ان هذه الأدلة متناثرة وتكاد تكون خفية غير بارزة بشكل واضح ويتضمن بعضها ايحاءات ضمنية بهذا الإتجاه ، كما يورد المسلم قصيدة في مؤلف له وينسبها لابن المقرب ويقول انها من مراثيه في أهل البيت عليهم السلام، ويذكر الأبيات التالية منها:

وابن المقرب ينتمي إلى البيت العيوني ولا بد انه على مذهب ذويه إلا ان مؤلف أنوار البدرين يذكر انه من شعراء الشيعة وإذا كان الحمدانيون الشيعة حاربوا القرامطة في الشام وطاردوا قبائل العرب التي أيدتهم في جزيرة العرب، واقتصوا منهم والعيونيون قضوا على حكمهم في البحرين بمساندة من السلاجقة في العراق وبعضاً من القبائل العربية التي دعم بها العيونيين من نجد والحجاز، وأشار لها إبراهيم الحفظي في تاريخ عسير .

وتؤكد كثير من الروايات ان القضاء على القرامطة في منطقة البحرين تم بتآزر الأهالي من الشيعة والسنة الذين بدورهم التفوا حول الجيش الذي أحاط بالقرامطة في شمال الأحساء وقضى على آخر فلولهم ومكّن العيونيين من الأطاحة بهم والإستيلاء على السلطة في المنطقة.

وباستيلاء العيونيين على السلطة زال دور القرامطة نهائياً عن منطقة البحرين الا ان بعضاً من معتقداتهم ضلت باقية ولكنها زالت قبل أن يمضي على زوال دولتهم أكثر من قرن من الزمن. ومع كل ما كتب عن القرامطة في التاريخ إلا ان البحث في عقيدتهم سيبقى لغزاً، فبما يعتقد القرامطة؟

عقيدة القرامطة

يقول أحد المؤرخين: إن مما يثير دهشة وحيرة المتتبع لتاريخ شبه الجزيرة العربية ذلك الغموض الذي يكتنف حقبة طويلة من تاريخ المنطقة الممتدة من كاظمة شمالاً لتنتهي جنوباً بعمان الشمالي ويدخل ضمن ذلك سلسلة الجزر الواطئة والواقعة في الخليج العربي والمجاورة للساحل والمحاطة ببحر ضحل مملوء بالحواجز الرملية وقد استقرت في قاعه اشهر مفاصات اللؤلؤ الطبيعي في العالم من حيث الجودة والإنتاج وأكبرها حجماً وأوسعها شهرة جزيرة أوال « البحرين » وعندما أصبحت هذه المنطقة خاضعة للحكم الإسلامي شارك كثير من رؤسائها وأفراد قبائلها في نشر تعاليم الدين الحنيف وفي قيادة الجيوش أثناء الفتوح الإسلامية في بلاد فارس وغيرها.

ويقول الجاسر عن سكانها: ان مجمل ما نجده واضحاً في تاريخها منذ العهد الإسلامي وقبله فقد كانت بلاد البحرين - بصفة عامة - قبل الإسلام تحتلها قبائل من العرب من أياد والأزد، ثم لما تفرقت قبيلة ربيعة، بسبب الحروب بينها استوطنت فروع منها البحرين وأشهرها بكر بن وائل وعبد القيس وظهر الإسلام وعبد القيس وبعض فروع من بكر وغيرهم من ربيعة هم سكان البلاد مع انتشار بني تميم في أريافها حتى أزاحوا بعض فروع ربيعة إلى الشمال من جهات العراق .

ولبعد مقر الخلافة الإسلامية عن المنطقة ولانصراف رجال الدولة عن الإهتمام بشؤونها اضطربت أحوالها، واتخذ منها بعض الخارجين عن القيادة الإسلامية العامة ملجأ لهم، ففي العهد الأموي استولى عليها الخوارج وفي سنة 249 هـ خرج فيها على الدولة العباسية صاحب الزنج، كما قامت فيها إمارت لا يزال تاريخها غامضاً كإمارة « آل عياش » و « آل العيريان» و « أل مسمار » إلا ان هذه الإمارات اختفت بقيام حركة القرامطة بالمنطقة والتي انطلقت منها بهجمات متكررة على عمان وبلاد الشام وأرياف العراق خلال القسم الأكبر من القرن الرابع الهجري على ضوئها تكونت هجرات قبلية رافقها استقرار قبيلة بمنطقة وخروج أخرى عنها، فالروايات المتواترة تشير إلى ظهور نشاط بطون بني عقيل في حدود هذا التاريخ فبنوا خفاجه كانوا قد استقروا في خلال هذا القرن على أطراف الفرات الأوسط حيث تصاعد نشاطهم إلى درجة كبيرة في القرون اللاحقة، يضاف إلى ذلك ظهور نشاط المنتفق بجوار البصرة بقيادة زعيمهم الاصيفر اعتباراً من عام 378 هـ أما بنو عبادة وبنو مالك من بطون عقيل في الموصل والجزيرة في حدود عام 380 هـ إلى هذين الفرعين بعد أن استطاعوا انتزاع هذه المناطق من أسرة بني حمدان من قبيلة بني تغلب إلا انه بعد القضاء على دولتهم في الموصل عام 489 هـ عادت هذه البطون على الأقل الغالبية العظمى فيهم إلى جنوب العراق حيث استقروا ما بين البصرة وواسط والكوفة .

والمنطقة أثناء فترة القرامطة وفدت إليها أسر وبطون من قبائل مختلفة وخرجت منها أخرى وكل من يجزم على ان سكانها يمثلون قبيلة بعينها فهو لم يصب، لأن الكثير من تاريخها لا زال غامضاً وقد انتشرت في باديتها وأريافها قبائل مختلفة لا تاريخ لهم يستدل الباحث منه على أخبارهم.

المصدر