أهداف الصناعة النفطية في العراق / 2007
(استراتيجية واقعية ضمن الظروف الحالية)
الأهداف:
الهدف العام النهائي لأي استراتيجية اقتصادية هي بلوغ أعلى مستوى للدخل الفردي مع مراعاة العدالة في توزيع الثروة. من أجل ذلك، يمكن تشخيص الاهداف التالية بالنسبة للصناعة النفطية في العراق:
1/ الوصول بسرعة الى أعلى مستوى انتاج يتناسب مع الاحتياطي المعروف, وفق قواعد الكفاءة الفنية.
2/ انهاء حرق الغاز المصاحب لانتاج النفط الخام، واحلال الغاز المصاحب والحر محل البدائل الأخرى للطاقةالكهربائية والاستعمالات الأخرى الممكنة في الاقتصاد المحلي، والى الحد الاقصى، لسد الحاجة المحلية والتصدير كمنتجات (بما فيها الكهرباء) وتحرير السوائل الهيدروكربونية للتصدير.
3/ تطوير الصناعات التحويلية المعتمدة على النفط الخام الى المستوى الأمثل اقتصاديا وتقنيا (تصفية، بتروكيماويات، صناعات تحويلية لاحقة. الخ...) لتعظيم القيمة المحلية المضافة مع مراعاة الجدوى الاقتصادية.
الاجراءات والتطبيقات
أولاً: الأطر الدستورية والتشريعية
1/ تعديل الدستور بما يسمح بالرقابة والتخطيط المركزيين، واللامركزية في التنفيذ.
2/ تشريع قانون النفط والغاز، بعد تعديله بما يخدم تسريع الزيادة القصوى للانتاج وأفضل الشروط وأعلى العوائد للبلاد.
3/ تشريع قانون توزيع الموارد للنفط والغاز على اساس نسبة السكان، بعد تخصيص الموارد السيادية اللازمة للحكومة الاتحادية.
4/ تشريع قانون وزارة النفط لتحديد دورها كرقيب ومنظم لصناعة النفط والغاز وممثل للقرار السيادي للدولة في الانتاج والتسعير والتصدير، على ان يراعي في القانون الفصل الكامل بين الوزارة كمنظم ورقيب وبين دور المشغلين والمنتجين واصحاب التراخيص الخاضعين للرقابة والتنظيم.
5/ تشريع قانون صندوق المستقبل يسمح بتراكم حوالي 10٪ من الايرادات السنوية لصادرات النفط والغاز، على ان يدار الصندوق بشكل مهني كاستثمار يخدم الاقتصاد الوطني ويسعى لتحقيق أعلى عائد على الاستثمارات. ويسمح للصندوق باقراض وزارة المالية لتخفيف آثار تقلبات العوائد النفطية. وان لا يسمح للسلطة التنفيذية بالسحب من موجودات الصندوق إلا بقرار ثلثي السلطة التشريعية.
6/ تشريع قانون أفضلية للشركات الوطنية والمحلية (على ان تعرف هذه الشركات بمقياس يتعلق بنسبة المحتوى المحلي في مدخلاتها)، في قطاع النفط والغاز وتكون هذه الميزات محددة وقابلة للقياس (مثلاً افضلية بنسبة 10٪ في التسعير) وتناط مراقبة التزام أصحاب التراخيص والعقود بهذه الميزات لجهة وطنية مستقلة.
7/ تأسيس أكاديمية نفطية على أرقى المستويات العالمية لجميع الاختصاصات المتعلقة بصناعات النفط والغاز، والتوسع في ارسال البعثات والدورات التدريبية للكوادر الوطنية لدعم التنمية البشرية واستيعاب ونقل التكنولوجيا. ويصار الى ان تنص عقود وتراخيص النفط والغاز على تشغيل نسبة تصاعدية من العراقيين في الشركات الاجنبية في جميع مستويات العمل لكسب المهارة ونقل التكنولوجيا.
ثانياً: النفط الخام
1/ إعادة تشكيل شركة النفط الوطنية العراقية كشركة قابضة تختص بانتاج وتصدير النفط الخام (upstream)، وتكون مستقلة ماليا وادارياً. وتمنح حق العمل والتصرف بالحقول المنتجة والمكتشفة حالياً. ولها الحق في الدخول بعقود ومشاركات مع الغير، على ان لا تدخل بمشاركة تكون فيها حصة الجانب العراقي اقل من 51٪ فيما يتعلق بالحقوق المترتبة على النفط الخام كثروة وطنية. ويجب ان تمنح شركة النفط الوطنية حق المنافسة على جميع التراخيص والعقود مع القطاع الخاص المحلي والاجنبي. ويفضل ان تكون ايرادات شركة النفط الوطنية ما يعادل الكلفة الحدية للحقل الأعلى كلفة بين الحقول المنتجة، قابلة للتعديل لاحقاً (5 دولار للبرميل مثلاً) وتكون ارباح الشركة بهذه الصورة الفرق بين معدل كلفة انتاج البرميل الواحد، والكلفة الحدية لأكثر الحقول كلفة. وهذه الصيغة تسمح للشركة بتحقيق ارباح تمكنها من الاستثمار العالي والسريع، وتعطي الشركة الضمان الربحي للعمل في الحقول الأعلى كلفة. وتشجع هذه القاعدة النمو السريع في الانتاج، وتخفيف الكلفة، لتحقيق الربح والتوسع في الاستثمار.
2/ تخصيص صندوق لتمويل الاستكشاف، سواء كان ذلك من خلال الشركات الوطنية او الاجنبية. وهدف الصندوق هو تعجيل اكتمال قاعدة المعلومات (بما فيها الحفر الاستكشافي) في جميع التراكيب والرقع المشخصة والتي لم يكتمل فيها الاستكشاف ولم يجر فيها الحفر والتقييم. وهذا يساعد على ان تكون الرخص والعقود المقبلة مبنية على معلومات لا على المخاطرة. وتتحول من عقود استكشاف ومخاطرة، الى عقود خدمة او عقود استثمار. وبامكان الصندوق ان يحقق ارباحاً من بيع هذه المعلومات الى اصحاب العلاقات من هيئات او متعاقدين. 3/ تطوير التشريعات المتعلقة بتنظيم الصناعة النفطية لالزام أصحاب التراخيص والعقود، بما فيهم شركة او شركات النفط المحلية، بتحريم حرق الغاز المصاحب والتقيد بأعلى مستويات الكفاءة الفنية للحفاظ على البيئة، واحترام القوانين المحلية بما فيها أعطاء الافضلية للعمالة المحلية. ويناط امر الرقابة والتنظيم بوزارة النفط أو الهيئات الاتحادية المتخصصة، على ان يكون هناك فصل تام بين الجهات التي تقوم بالمراقبة (الوزارة) والجهات التي تخضع للمراقبة والتنظيم من متعاقدين وأصحاب تراخيص ومن ضمنهم الشركات المحلية والوطنية. 4/ العمل على التوسع الاستباقي لطاقات تصدير النفط الخام بكل المنافذ المتاحة:
أ - توسع موانئ التصدير من الخليج الى ثلاثة ملايين برميل يوميا كمرحلة أولى.
ب - توسيع أنابيب التصدير عن طريق تركيا الى ما لا يقل عن مليوني برميل يومياً.
ت - اعادة تنشيط خط التصدير عن طريق سوريا الى ما لا يقل عن مليوني برميل يومياً، والعمل على بناء مصافي مشتركة مع سوريا ولبنان البحر الأبيض المتوسط.
ث - بناء خط انابيب الى العقبة بطاقة حوالي مليوني برميل يومياً مع السعي لبناء مصافي مشتركة على خليج العقبة.
ويكون الهدف من التوسع في منافذ التصدير وتعددها هو ليس فقط استيعاب الصادرات المتزايدة للنفط الخام والمنتجات النفطية، وانما لضمان القدرة على التصدير في حالة غلق احد المنافذ في أي طارئ أو ظرف. وهذا يساعد على تجنب الابتزاز السياسي، ويعطي مرونات استراتيجية ويربط مصالح بلدان المرور بالمصالح العراقية.
ثالثا: الغاز
1/ أول وأهم عمل يجب ان ينجز في مجال الغاز هو ايقاف النزف المتمثل بحرق الغاز المصاحب لانتاج النفط الخام. وأفضل ما يمكن استعمال الغاز فيه هو توفيره كوقود لانتاج الكهرباء ويجب ان يكون العراق مصدراً للكهرباء بأسرع وقت ممكن بحيث يتم استيعاب الغاز المصاحب في انتاج الكهرباء من خلال شبكة وطنية لنقل ومعالجة الغاز المصاحب والغاز الحر. كما يجب التوسع في انتاج واستكشاف الحقول الغازية للاستفادة من الغاز الحر لتجنب تذبذب الانتاج عن تغيرات انتاج النفط الخام. ويجب أن لا يهمل في هذا المخطط الاستفادة من الغاز للحقن في المكامن التي تحتاح إليه لموازنة الضغط في المكامن المنتجة.
2/ تأسيس شركة وطنية وسيطة للغاز (midstream) تستلم الغاز من أصحاب العقود والتراخيص وتعالجه وتنقله وتسلمه كمنتج جاهز الى المستهلكين المحليين او المستوردين الاجانب، وتكون شركة مستقلة ماليا وادارياً، ولها موارد مستقلة تحتسب على اساس الكلفة. 3/ تطوير حقول الغاز الحر المكتشفة واستكشاف حقول الغاز الجديدة ضمن خطة عامة لاستثمارها وربطها بالشبكة الوطنية للغاز.
4/ تشجيع استعمال الغاز بشكل مباشر من الشبكة الوطنية في الصناعة والمجمعات السكنية بدل استعمال القناني والعبوات. اذ ان سوء الاستعمال والغش والتهريب يقع على القناني والعبوات ولا يمكن تهريب الغاز الذي ينقل في الأنابيب او الذي يحول الى كهرباء.
رابعاً: التصفية والخدمات
ليس من الضروري ان تكون المصافي وشركات الخدمات النفطية في الحفر والاستكشاف وغيرها، مملوكة للدولة. ولا يضر ان تكون هناك شركات مختلطة تنافس القطاع الخاص المحلي والاجنبي. ومن المفضل ان يصار الى تحويل المصافي الحالية وشركات الخدمات التابعة لوزارة النفط الى شركات مساهمة، قابلة للانتقال الى شركات مساهمة خاصة او مختلطة.
ولغرض السماح للقطاع الخاص للعمل في هذه المجالات، يجب ان يسمح للشركات العاملة فيه التسعير وفق الأسعار العالمية. وهذا يعني ان يسمح للمصافي ان تبيع بالأسعار العالمية للمنتجات النفطية، على ان تشتري النفط الخاص بأسعار التصدير. وفي حالة رغبة الدولة في دعم منتج معين، عليها ان تقوم بشرائه من المصافي بالسعر التجاري، وبيعه وفق صيغة محددة الى الجهة المدعومة، فبامكان الدولة توزيع غاز الطبخ والنفط الأبيض مجانا او بأسعار مدعومة ضمن البطاقة التموينية او حقوق استلام خاصة، بعد شرائه من الجهة المنتجة او المصنعة بأسعار تجارية.
ويمكن تجهيز الكهرباء للاستهلاك النهائي بأسعار مدعومة بعد تسديد كلف الوقود المجهز بالسعر التجاري. وكسياسة عامة، فإن أفضل واعدل دعم في المدى البعيد يجب ان ينصب على الكهرباء لأسباب كثيرة، منها عدالة التوزيع، وحماية البيئة، وتشجيع التقنيات المتقدمة في الصناعة والسكن، ولاعطاء ميزة تنافسية غير مباشرة لكل القطاعات في الاقتصاد الوطني.
وتنطبق نفس المبادئ (الاعتماد على القطاع الخاص) الى البتروكيماويات، والصناعات التحويلية والتكميلية لصناعات النفط والغاز. وهذا لا يمنع من قيام الدولة بالمبادرة عندما يكون رأس المال خارج امكانيات القطاع الخاص، على ان يتم العمل من خلال شركات تعمل بصورة مستقلة وعلى اساس الربح.