اصلاح قطاع الطاقة/2015
إصلاح قطاع الطاقة
أولاً: النفط والغاز
لا بد أن يبدأ الإصلاح بدراسة هيكل الإدارات في قطاعات النفط والغاز، لتحديد شكل الإدارة الأنسب لأهم قطاع في الاقتصاد العراقي. فالبترول (النفط والغاز) يكاد يكون الممول الوحيد لموازنة الدولة. وفي الحالة التي نحن فيها من إنهيار الصناعة والزراعة، فإقتصاد البلاد كله يرتكز على النجاح في إدارة قطاع البترول.
من أول المباديء في الإدارة هو تحديد الوظائف الأساسية، ومن ثم إيجاد الهياكل المناسبة لهذه الوظائف. وسبق أن توصل الخبراء الذين درسوا قطاع البترول بعد إنهيار الأسعار عام 2008، وفي الندوة التي نظمتها الحكومة في شباط 2009، أن إدارة قطاع البترول كانت فاشلة، وأن وزارة النفط غير قادرة لوحدها على توفير الإدارة المناسبة للخروج من حالة الفشل والتدهور التي كانت (ولا تزال) سائدة. على ضوء ما تقدم يمكن تحديد مرجعيات الإصلاح الإداري ما يلي:
1- الإلتزام بالدستور وجعل إدارة البترول مشتركة بشكل حقيقي بين الحكومة الإتحادية والأقاليم والمحافظات.
2- الفصل بين الجهة المسؤولة عن التنظيم والمراقبة ورسم السياسات العامة من ناحية (الوزارة)، والوحدات والكيانات التي تمارس الإنتاج والعمليات اللاحقة من ناحية أخرى (الشركات وحاملي التراخيص).
3- خروج وزارة النفط من الحلقات الضيقة في التوزيع.
4- إناطة الإنتاج من الحقول (الحالية) إلى شركة نفط وطنية مستقلة على أسس حديثة تسمح لها بمنافسة الشركات العالمية العاملة في الإنتاج.
5- إعادة النظر بهيكلية إدارة التصفية والتوزيع وجعلها تدار على أسس إقتصادية وتنافسية حديثة.
من الناحية العملية والإجرائية، ولحين تشريع قانون هيئة تخصيص الموارد المالية والنفط والغاز، وقانون شركة النفط الوطنية، وقانون جديد لوزارة النفط، وقانون خاص بالإستثمار في مجال الخدمات البترولية، بالإمكان إتخاذ الخطوات الإدارية التالية:
أولاً: تشكيل المجلس الإتحادي للنفط والغاز بأمر ديواني ليضم:
- رئيس مجلس الوزراء - رئيساً
- وزير النفط - نائباً للرئيس
- وزير المالية - عضواً
- وزير التخطيط - عضواً
- وزير الثروات الطبيعية في الإقليم - عضواً
- ممثل عن كل محافظة تنتج أكثر
من (200.000) برميل يومياً - أعضاء
ثانياً: فك إرتباط شركة تسويق النفط (سومو) عن وزارة النفط وربطها بالمجلس الإتحادي للنفط والغاز وحصر نشاطها بتسويق النفط الخام وإناطة تجارة المشتقات النفطية بجهة أخرى.
ثالثاً: تسعير النفط الخام عند الإنتاج (عند البئر) بالسعر العالمي لكل المستهلكين المحليين مع خصم مناسب (10% أو عشرة دولارات).
رابعاً: تسعير المنتجات النفطية بالسعر العالمي، مع توفير كوبونات مدعومة من الموازنة العامة (وزارة المالية) لقطاعات معينة (الجيش، النقل العام، أصحاب سيارات الأجرة.
خامساً: تحويل محطات بيع البنزين والمنتجات البترولية المملوكة للدولة إلى القطاع الخاص.
سادساً: إعادة تنظيم شركات المصافي والتوزيع كشركات عامة (خاصة أو عامة أو مختلطة) تعمل وفق مباديء السوق وبالمنافسة مع القطاع الخاص.
سابعاً: تشكيل لجنة مختصة بإشراف المجلس الإتحادي للنفط والغاز لإيجاد حلول مناسبة وفورية لإستغلال الغاز في مجال الكهرباء، وإعطائها الصلاحيات الللازمة للتعاقد والإشراف على التنفيذ والتنسيق مع قطاع الكهرباء لحل إشكالات توفير الوقود للكهرباء بأسرع وقت ممكن.
ملاحظات عامة حول إنتاج وتسويق النفط:
أولاً: العراق يمتلك أكبر إحتياطي للنفط الخام التقليدي في العالم.
ثانياً: كلف الإنتاج في العراق هي الأوطأ في العالم.
وإنطلاقاً من الحقيقتين أعلاه، فإن من مصلحة العراق أن تكون أسعار النفط الخام عالمياً معتدلة للحد من دخول منافسين مثل النفط الأكثر كلفة (النفط الثقيل والنفط من الأعماق والنفط الصخري) ومن المصادر البديلة والمتجددة. كما أن من مصلحة العراق تشجيع الزيادة في الطلب على النفط على خلفية إعتدال أسعاره.
وبناء على هذه المسلمات، يحتاج العراق إلى سياسة مبنية على التسارع في زيادة الإنتاج للتعويض عن إنخفاض الأسعار وليس العكس. كما أن زيادة الإنتاج تتطلب إستراتيجية تسويقية مبنية على:
أ- تعدد مسارات التصدير على أن يكون فيها فائض للمناورة خاصة وأن كلف الإستثمارات في المسارات المختلفة تعتبر واطئة نسبياً.
ب- إتباع إستراتيجية تسويقية تعتمد التداخل مع الأسواق، خاصة في آسيا، وبناء مصالح متبادلة مع الأسواق كالإستثمارات المشتركة في التصفية والتوزيع في تلك الأسواق.
ثانياً: الكهرباء
تتداخل في مجال الكهرباء عدة أنشطة مختلفة متقاطعة أحياناً، ويدار القطاع بشكل غير متناسب مع الدستورومع الصلاحيات الممنوحة للأقاليم والمحافظات. ولا بد عند الحديث عن الإصلاح في قطاع الكهرباء أن يشمل ذلك الهيكلية الإدارية للقطاع.
ومن المفيد تحويل وزارة الكهرباء إلى هيئة عامة مشرفة ومخططة ومنظمة للكهرباء في عموم البلاد، دون أن تكون الهيئة نفسها منفذة لأي من النشاطات التنفيذية التالية:
1- إنتاج الكهرباء .
2- نقل الكهرباء.
1- التوزيع والجباية.
1- إنتاج الكهرباء:
من الضروري دراسة تحويل جميع وحدات الإنتاج إلى شركات (خاصة أو مختلطة أو عامة) تعمل وفق مباديء السوق والمنافسة. وسيكون في هذا الإنتقال مورد هام للخزينة من خلال بيع بعض وحدات الإنتاج إلى القطاع الخاص. ويستفاد من هذه الموارد لتمويل الإستثمارات في نقل الطاقة. ويجب التخطيط الفوري لإنتاج (30) الف ميكاواط بحلول عام (2020)، والعمل على تعميم الدورة المركبة( (Combined Cycle، وإستعمال الغاز كنمط سائد للوقود في إنتاج الكهرباء.
2- نقل الكهرباء:
يفضل بقاء شبكات النقل القائمة بإدارة شركة عامة ممولة مركزياً وبإشراف الهيئة العامة للكهرباء.
3- التوزيع والجباية:
يفضل إناطة التوزيع والجباية إلى الإقليم والمحافظات وتشجيع هذه الإدارات المحلية على تشكيل شركات (عامة أو مختلطة أو خاصة) للإشراف على التوزيع والجباية.
ومن حيث المبدأ لا بد لقطاع الكهرباء البدء بتنظيم وضبط الجباية على التسعيرة الحالية لحين توفير الكهرباء بشكل شبه كامل (أكثر من 20 ساعة باليوم) للإنتقال إلى تسعيرة تغطي كلفة الإنتاج من وقود وتوليد ونقل وتوزيع وجباية بالإضافة إلى تغطية كلف التشغيل والإدارة.
4- وقود الكهرباء:
يفضل توفير الغاز بكلفة الإنتاج إلى جميع محطات الكهرباء. كما يفضل أن تتحمل الموازنة (وزارة المالية) كلفة الوقود المستورد وكلفة شراء المنتجات النفطية من المنتجين المحليين. فالكهرباء لا يمكن تهريبها كما تهرب المنتجات النفطية المدعومة. كما أن دعم الكهرباء، إذا كانت التسعيرة مدروسة، يمكن أن يكون من أكثر أشكال الدعم عدالة. وللدعم فوائده للإقتصاد الوطني بإعطاء المنتجين المحليين (صناعة، زراعة، خدمات) ميزة للتنفاس الداخلي والخارجي. ويكون الدعم ناجماً عن توفير الوقود بكلفة الإنتاج.
عدنان الجنابي/ حزيران 2015