تقرير اللورد اشداون / 2008
The iraq commission report
ملاحظات أولية
قدمت «هيئة العراق» تقريرها حول الخطوات الواجب على الحكومة البريطانية الجديدة اتباعها لمعالجة الوضع المتدهور في العراق. وهي هيئة عالية المستوى من اتجاهات سياسية متعددة، تشبه الى حد بعيد هيئة «بيكر - هاميلتون» الأميركية.
تقر هيئة آشداون، كما اقرت هيئة بيكر من قبلها، فشل السياسات المتبعة من قبل الولايات المتحدة وحلفائها في العراق.
ويختلف تقرير آشداون عن تقرير بيكر في أن الأول يهتم بما تستطيع المملكة المتحدة عمله، بينما يشمل تقرير بيكر مقترحات حول جميع نواحي القضية العراقية.
- يتفق التقريران في أن بداية العمل هو القيام بما يسميه التقريران «حملة ديبلوماسية». ويذهب آشداون بشكل صريح ومباشر الى ضرورة ان تكون هذه الحملة مدعومة بقرار جديد من مجلس الأمن، وباشراف الأمم المتحدة. وهو أبعد مما ذهب اليه تقرير بيكر، اذ لا يمكن معالجة القضية العراقية وتداعياتها الاقليمية والدولية دون العودة الى مجلس الأمن.
- ويذهب آشداون الى أبعد من ذلك في الدعوة الى اقامة «معاهدة دولية» لضمان الاستقرار في العراق. وأمن الاقليم برمته.
- يبدو أن هيئة آشداون تقترب من الحل الايراني (والذي تدعمه عدد من القوى الدولية والاقليمية والمحلية) في الاعتماد على «الدستور الفدرالي» الحالي، بل المضي الى ما يشبه التقاسم الكنفدرالي بين الاكراد والشيعة والسنة.
- ويدعو التقرير الى مسارين متلازمين، هما أولاً: الأمن الاقليمي، وثانياً: المصالحة الداخلية. ويقترح التقرير ان يقود العملية الخارجية لجنة «تنسيق» تأخذ الحكومة البريطانية المبادرة في اطلاقها، وتسعى لايجاد منظمة اقليمية تضم العراق والدول المجاورة له، تبدأ بمعاهدة دولية لضمان وحدة العراق، وتشمل التزامات دولية وقانونية لعدم التدخل، وتشمل كذلك التعاون الاقتصادي والأمن المتبادل. وتقود الأمم المتحدة المسار الثاني من خلال مندوب مفوض وعالي المستوى، على غرار دور الاخضر الابراهيمي في ترتيب الحكومة المؤقتة والانتخابات.
نقاط الضعف
1/ رغم ان تقرير آشداون يذهب أبعد من تقرير بيكر، في انه يرى البداية في قرار جديد لمجلس الأمن، وهو تطور ايجابي، فإن العقدة تكمن في مدى استعداد ايران للتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية في جعل هذا الحل الدولي/ الاقليمي ممكناً. ويعترف آشداون بأن أي حل لن يكون واقعياً ما لم تتعاون اميركا في تنفيذه. ولكن ما هي احتمالات تعاون ايران في هذا المجال، وهي لاعب أساسي؟
2/ يبدو ان آشداون يقترب من رغبة ايران في عراق كونفدرالي ضعيف، ولكن ايران تريد حلولا لقضاياها الأخرى العالقة مع الولايات المتحدة (الدور الاقليمي، السلاح النووي، الانفتاح الاقتصادي)، قبل ان تتقدم نحو حل يلزمها بمعاهدة دولية لضمان أمن العراق.
3/ ويقترح آشداون حل الصراع الاسرائيلي/ الفلسطيني، معتبرا انه احد مفاتيح الاستقرار في المنطقة، وهو بالتالي لا يقول كيف يساعد ذلك في انهاء الانهيار في العراق. خاصة وان حل القضية الفلسطينية قد يأخذ عقوداً، وقد لا يكون المحور الأول لاهتمامات ايران وعلى رأسها استمرار نفوذها بين شيعة العراق، ولعب دور اقليمي أوسع في كل محيطها من قزوين الى الخليج.
4 - لا يعطي التقرير اهمية واضحة لاعادة بناء الجيش المهني في عودة العراق من الدولة الفاشلة الى التعافي التدريجي. وهي خطوة لن تتم الا بابعاد الجيش عن الصراعات الطائفية، وان يعاد تأسيسه تحت رعاية دولية.
5/ وفي الفترة ما بين تقرير بيكر وتقرير هاملتون، برزت مشكلة الهجرة والتهجير والتطهير العرقي، باعتبارها احد اهم تداعيات القضية العراقية محليا واقليميا ودوليا. وبينما اهمل التقرير الاول المشكلة، قدم التقرير الثاني مسكنات لتخفيف آلامها. في الواقع ان هذه المشكلة تنذر بمأساة تتجاوز المحرقة النازية، والابادة الجماعية في رواندا. ان الشعب العراقي ليس بحاجة الى طعام لاغاثته، بل هو بحاجة إلى إعادة العراق دولة ووطنا، يضمن له العيش بسلام واستقرار.
الحل
ونعيد هنا تكرار ما اقترحناه من حلول في ملاحظاتنا حول تقرير بيكر - هاملتون اذ انها لا تزال صالحة وصائبة: 1/ يحتاج الحل الدولي الى قرار جديد لمجلس الأمن يوازن الضعف الأميركي بدور دولي يشرك الأمم المتحدة و«مجموعة الدعم الدولية» ويعطيها دورا في رعاية الاجراءات المطلوبة. (وربما عقد معاهدة أمن اقليمي كما يقترح آشداون).
2/ موازنة التدخل الايراني باخراج سوريا من دائرة النفوذ الايراني واحتوائها في اطار مجموعة عربية ناشطة وفعالة ضمن «مجموعة الدعم الدولية»، واشراك تركيا وباكستان بشكل اكثر فعالية وذلك بهدف اعادة التوازن في علاقات العراق الاقليمية.
3 - وضع رقابة دولية على قوى الامن (الدافع والأمن الوطني والداخلية) والقضاء والمالية والنفط.
4/ اعادة التوازن «للعملية السياسية» وتعطيل فقرات من الدستور، لفسح المجال لقوى وطنية غير طائفية قادرة على تحقيق اعادة التوازن للدولة وقادرة على تحقيق اهداف المصالحة الوطنية والتصدي للميليشيات الطائفية.
5 - اتباع سياسة اقتصادية قادرة على انهاء البطالة والتوزيع العادل والموارد وانهاد الفساد العارم.
- ويضاف الى كل هذا الحاجة الى معالجة جادة لقضية التطهير العرقي والهجرة والتهجير لحين حل القضية العراقية العامة.