فهمي المدرس
سيرة الشاعر
فهمي بن عبدالرحمن بن سليم الخزرجي الشهير بالمدّرس.
ولد في بغداد، وتوفي فيها.
قضى حياته في العراق.
تلقى تعليمه على يد عدد من علماء بغداد، ومنهم: إسماعيل الموصلي، بهاء الحق الهندي، عبدالسلام الشواف، عبدالرحمن القره داغي، نعمان خيرالدين الآلوسي، ثم أخذ فنون الأدب والخط العربي عن محمود شكري الآلوسي، وأتقن فن التعليق على يد الخطاط الشهير ميرزا موسى.
كان يجيد التركية والفارسية.
عمل مديرًا لجريدة الزوراء البغدادية الرسمية (1901)، وقام بأعباء التحرير فيها باللغتين العربية والتركية.
عمل معلمًا للأدب العربي في كلية الإلهيات بدار الفنون بالآستانة، وبعد الحرب العالمية الأولى التحق بحكومة فيصل الأول في سورية، وبسقوطها عاد إلى وطنه، فأصبح كبيرًا للأمناء في البلاط الملكي (1921)، ولكن الإنجليز أقالوه لعدم رضاهم عنه، ثم عين أمينًا عامّاً لجامعة آل البيت في الأعظمية (1924)، وظلّ فيها حتى ألغيت (1930).
بسبب مقالاته السياسية في جريدة البلاد نفي هو ورفائيل بطي (صاحب الجريدة) إلى السليمانية ( أقصى شمالي العراق) ووضعا في ثكنة عسكرية (شتاء 1932)،
وقد نجحت جهود نواب المعارضة والرأي العام في الضغط على الحكومة لاستعادتهما إلى بغداد، وعين مديرًا لدار العلوم العربية والدينية بالأعظمية (1937).
شارك بأحاديثه ومقالاته في ثورة رشيد عالي الكيلاني (1941) فلمّا أخفقت الثورة انزوى في بيته بمحلة البارودية منقطعًا عن الناس حتى وفاته.
الإنتاج الشعري
- له قصائد نشرت في كتاب:
«مقالات فهمي المدرس» الجزء الثالث - جمع: عبدالحميد الرشودي وخالد محسن إسماعيل وتقديمهما - مطبعة أسعد - بغداد 1970، وقصائد أخر نشرت في كتاب «مدرسة الإمام أبي حنيفة».
الأعمال الأخرى
- له مؤلفات في التاريخ والسياسة والأدب، منها: «تاريخ أدبيات العربية» (باللغة التركية) - جزآن - الآستانة 1914 - 1919، و«مقالات سياسية تاريخية اجتماعية» - جزآن - بغداد 1930 - 1932، و«بيان موجز عن جامعة آل البيت والشعبة العالية الدينية في دورين من حياتهما: دور التأسيس، ودور الجهاد العلمي» - بغداد 1930، وبحوث لطلاب جامعة آل البيت، ومنها: «فلسفة المواريث في الإسلام» - «الديانة الزرادشتية»، و«حكمة التشريع الإسلامي» (بالتركية).
شاعر مقلّ، قصائده مطولات تنمّ على ثقافته الدينية، واهتماماته بعصره، ومشاركاته في الأنشطة السياسية، يغلب عليها طابع الحكمة واختبار الأيام، وتميل أحيانًا إلى حدّة التعبير وقوة الصورة في تعبيرها عن تجارب الإنسان والمساحة التي يجب أن يكون عليها وعيه. يميل إلى الإطالة؛ فقصيدته في الرثاء 118 بيتًا، وقصيدته في تهنئة المعهد 87 بيتًا، مع وحدة القافية في كل منهما، وهذا مؤشر على اتساع معجمه.
مصادر الدراسة
1 - إبراهيم الدروبي: البغداديون أخبارهم ومجالسهم - مطبعة الرابطة - بغداد 1958.
2 - عبدالجبار داود البصري: رواد المقالة الأدبية في الأدب العراقي الحديث - منشورات وزارة الإعلام - بغداد 1975.
3 - فائق بطي: أعلام في صحافة العراق - دار الساعة - بغداد 1971.
4 - كوركيس عواد: معجم المؤلفين العراقيين في القرنين التاسع عشر والعشرين - مطبعة الإرشاد - بغداد 1969.
5 - محمد صالح السهروردي: لبّ الألباب - مطبعة المعارف - بغداد 1933.
6 - محمود العبطة: من رؤساء تحرير جريدة الزوراء - مطبعة الجمهورية - بغداد 1969.
7 - مير بصري: أعلام اليقظة الفكرية في العراق الحديث - مطبوعات وزارة الإعلام - بغداد 1971.
8 - هاشم الأعظمي: تاريخ جامع الإمام الأعظم ومدرسته العلمية - مطبعة العاني - بغداد 1964.
9 - وليد الأعظمي: مدرسة الإمام أبي حنيفة - مطبوعات وزارة الأوقاف والشؤون الدينية - بغداد 1985.
10 - الدوريات: خيري العمري: فهمي المدرس - مجلة الأقلام - (جـ4) - بغداد 1961.
عناوين القصائد
من قصيدة: نهضة الشرق
مـاذا يحـاول مـن يعـادي «الــــــمعهدا» والشـرق أصـبح ثـائرًا متجــــــــــــدِّدا
فـي كل قطرٍ مـنه قـام مـجـــــــــــــدّدٌ دكّت عزائمه الجـبــــــــــــــال الرُّكَّدا
يـطـوي السنـيـن بـلـمحةٍ فـيُريك مــــــن عهد الـتجـدّد كلَّ يــــــــــــــومٍ مشهدا
للـمـصلـحـيـن الثـائريــــــــــن بأرضه عزمٌ أبى إلاّ الـمـجـرّة مقعــــــــــــدا
لا يـهجع الشـرق الجـديـد ولا يـنــــــي فـي عزمه حتى يُعـيـــــــــــــد السؤددا
مـن نـام عـن كـيـد الأعـــــــادي أحْقُبًا فتَكَتْ بـه أنّى له أن يرقــــــــــــــدا؟
يـا غافلاً عـمّا يُراد بـــــــــــــه أفِقْ مـن غمـرة السكرات فـالـحــــــــادي حدا
سـاروا كأسـراب القطـا بـيـن النجــــــو مِ وأنـت بـالعـرجـاء تختبط الــــــــمدى
يـا شـرقُ جـدّدْ مـا استطعت عسـى الـــــذي ضـاق الخنـاق عـلـيـه أن يـتــــــــنهّدا
ودعِ الغبـيَّ يـخـوض فـي غمـــــــــــراته فلقـــــــــــــد أراد الله أن لا يرشدا
أقـمِ الصروح عـلى الجـمـاجـم مـثلـمــــا مـلكُ العـراق أقـام هـذا الــــــــمعهدا
مـا الـمـجـدُ للـمـلك الهـمـام بخـالـــدٍ إلا إذا رفع الصروح وخلّد
يـا صَرْحَ آل الـبـيـت فـيك قـد انطـــــوى للـمـجـد دهـرٌ ثـم دهــــــــــــرٌ للرّدى
مـجـد ٌعـنـاصره إذا حـلّلـتهــــــــــــا تجـد الـمهـنّد والنّهى والـمسجـــــــــدا
كـالنّسـر حـلّق فـي الفضـاء ومـــــــا له وكرٌ سـوى الـتـيجــــــــانِ راحَ أوِ اغتدى
والشّمسُ مـا طلعَتْ عـلى عـرصـــــــــــاته إلا اكتست ثـوب الفخـار مـجــــــــــدّدا
سهـرتْ عـلـيـه للأسـود نــــــــــــواظرٌ رصدت عـيـونًا للعِدا لن تـرقـــــــــــدا
مـجـدٌ أبى إلا الـحســـــــــــامَ مُعَاهدًا وأبى بـغـير الـحقّ أن يــــــــــــتعهّدا
مـجـدٌ إذا صـوّرته للنـاظريــــــــــــــ ـنَ مـلأتَ هـذا الكـون مـــــــــنه سؤددا
واذا رسمتَ السّعـد فـي تـمـثــــــــــاله فأقـم عـلى فَرْق الثّريـا فرقـــــــــــدا
كشفت له الأقـدار أمـرًا خـــــــــــارقًا فصغت إلـيـه قبـل أن يـتــــــــــــولّدا
مـجـدٌ بذرّات الأثــــــــــــــير تلألأت صـفحـاتُه وسنـا عــــــــــــــلاه تَوقّدا
لـو كـان للإنسـان عـلـمٌ كـامــــــــــلٌ لرآه فـي طبقـــــــــــــــــاته متجسّدا
ولشـاهد الـتـاريـخَ فـــــــــــي أدواره مـن كلّ مـا يحـويـه يعــــــــــرض مشهدا
جَمعتْ مـنـاظره تفـاصـيل العـــــــــــلا عـمّن بنى الـحسب الرفـيـق وأخلــــــــدا
من قصيدة: سطوة الموت
في رثاء سامي سليمان
هـو الـمـوت لا يُبْقِي مـن النّاس بـاقـيــا ومـا أن أرى حـيّاً له الله وافـيــــــــا
قضى الـمـوت أن لا يُتَّقَى بتـمـيــــــــمةٍ ولا هـاربٌ يُلفَى مـن الـمـوت نـاجـيـــــا
فذاك سلـيـمـانٌ، ونـــــــــــــوحٌ، وآدمٌ وأحـمدُ كلٌّ جـاءه الـمـوت داعـيـــــــــا
وأفـنى مـلـوكًا، ثـم بأسًا وقــــــــــوةً فلـم يُبْقِ ذا أمـرٍ، ولـم يبقِ نـاهـيـــــا
ولـم يُبقِ ذا عِلْمٍ، ولــــــــم يُبق ذا غنًى ولـم يُبقِ جـبّارًا، ولـم يبق طـاغـيــــــا
وصـال عـلـيـنـا حـامـلاً كلّ غــــــــيظه فهدّ مـن الأطـواد مـا كـان راسـيـــــــا
دهـانـا فلـم يـتـرك لنـا بعـدمـا دهـــا أمـانًا، ولا للشـامتـيـن أمـانـيـــــــا
بـدا نـاشبًا بـالشعـر فــــــابتزّ «فكرةً» وعـاد عـلى الأخلاق فـاستلّ «سـامـيــــا»
عـظيـمـيـن لا تحـوي الصدور سـواهـمــــا إذا عقـد الأقـوام للـبحث نـاديــــــــا
فهـذا الـذي قـد كـان للـحقّ نـــــــاصرًا وذاك الـذي قـد كـان للعـلـم حـامـيــــا
فلـولا يراعُ الشّهـم «تـوفـيــــــقِ فكرةٍ» لـمـا جـاء بـيـتُ الشّعـر للشّعـر حـاويــا
ولـولا «أبـو الخـيرات» مـا عـاش بـــائسٌ ولا بـات ذو هـمٍّ عـن الهـمّ سـالـيــــــا
فـمـن ذا الـذي أبقـيـتَه بـديـارنــــــا - إذا ضلّت الآراء - يـا مـوتُ كـافـيــا؟!
المصدر