واقع المرأة في المجتمع العراقي
قد خاضت المرأة خلال العقود العشرة المنصرمة بشكل خاص نضالات بطولية لا هوادة فيها لانتزاع حقوقها المشروعة والعادلة والطبيعية. وتركزت مطالبها على حقها الكامل في المساواة التامة مع الرجل في الحقوق والواجبات. وفي مناطق من هذا العالم الرحب حققت المرأة مكاسب مهمة وكبيرة نظرياً وإلى حدود اقل عملياً, ولكنها ما تزال في العالم النامي المتخلف تعاني من أوضاع القرون الوسطى, رغم أن تقنيات القرن الحادي والعشرين قد دخلت هذه البلدان على مصراعيها وخاصة الأسلحة الفتاكة وذات الدمار والموت الشاملين وتناضل في سبيل انتزاع تلك الحقوق. وعلينا أن نتذكر بأن القرن الواحد بعمر الزمن قصير جداً, ولكنه بعمر الإنسان الواحد أو حتى عدة أجيال طويل جداً وفي غاية الصعوبة والتعقيد والتشابك المصحوبة بالآلام والماسي والكوارث المتنوعة.
دعونا ننحني إجلالاً للمرأة المناضلة في سائر أرجاء العالم, ننحني لإصرارها على النضال وانتصاراتها أو حتى لانكساراتها المعمدة بالدم والدموع والحرمان واغتصاب الحقوق, ننحني حداداً على أرواح جميع الشهداء من النسوة في أرجاء العالم وفي بلادنا من كل القوميات والأديان والمذاهب والاتجاهات الفكرية والسياسية, وعلى أرواح جميع شهداء الحرية والحياة الديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق القوميات والعدالة الاجتماعية. وعلينا جميعاً أن نتذكر باستمرار بأن شهر آذار فيه ذلك اليوم الذي قذف جلاوزة الدكتاتور وقريبه المجرم علي حسن المجيد بأمر منهما من الطائرات المقاتلة بالأسلحة الكيماوية على أهالي حلبچة وقتل ما يزيد عن خمسة آلاف وجرح وعوق ما يزيد عن ذلك الرقم, كما بلغ عدد القتلى والمغيبين في مجازر عمليات الأنفال من سكان كُردستان ما يزيد عن 182 ألف إنسان وكثرة منهم من النساء والأطفال. ولهؤلاء ننحني إجلالاً وبكل احترام. كما ننحني للمرأة العربية والكردية الفيلية والتركمانية والكلدو آشورية ومن مختلف الأديان والمذاهب والاتجاهات الفكرية والسياسية التي واجهت وعانت من قهر النظام الدكتاتوري واضطهاده على مدى عقود طويلة. وعلينا أن نتذكر باستمرار بأن مئات ألآلاف من النساء العراقيات من عربيات وكرديات فيليات وكلدو اشوريات وصابئيات وغيرهن يعشن في الشتات الأجنبي القسري منذ أن هُجرنَ قسراً وليس في مقدورهن العودة إلى العراق لأسباب كثيرة وخاصة الإرهاب الدموي السائد في العراق منذ سقوط النظام الاستبدادي وحتى الآن.
واقع المرأة في المجتمع العراقي
أمعن النظام الدكتاتوري في قهر واغتصاب حقوق المرأة وجعلها جزءاً هامشياً تابعاً وخاضعاً لسيادة ودور الرجل. إذ أن الأصل في كل ذلك هو موقف النظام الاجتماعي والسياسي ألذكوري عموماً من المرأة في العراق. فالمعايير التي يعتمدها علم الاجتماع في التعريف بالموقع الذي تحتله المرأة في أي من المجتمعات البشرية كثيرة ومتعددة الأوجه, ومن خلالها يمكن التعرف على واقع ومستوى تطور تلك المجتمعات. ويمكن في هذا الصدد إيراد عدة معايير جوهرية تعتبر معايير مركزية لاختبار موقع المرأة ومكانتها ودورها وطبيعة علاقاتها في مجتمع ما, وهي:
• طبيعة علاقات الإنتاج السائدة في هذا البلد أو ذاك ومستوى تطور القوى المنتجة المادية منها والبشرية فيه, بما في ذلك مستوى تطور التعليم والمهارة الفنية وتطور العلوم والحياة الثقافية والمعارف العامة, أو ما يطلق عليه اليوم بالتنمية البشرية أو التطوير الإنساني.
• طبيعة النظام السياسي ومستوى التمتع بالحرية والحياة الديمقراطية ومدى وجود وسيادة دستور ديمقراطي ومؤسسات دستورية وسيادة القانون الديمقراطي, أي بمدى تمتع شعوب هذا البلد أو ذاك بممارسة مبادئ الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق القوميات والعدالة الاجتماعية.
• دور المرأة ومكانتها في المجتمع إلى جانب الرجل ومكانتها في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومدى تمتعها بحريتها الاقتصادية وحقوقها كاملة غير منقوصة ومساواتها بالرجل من جهة, ومدى تمتع الطفل بالرعاية والحماية والتربية العلمية والإنسانية من جهة أخرى, إضافة إلى سبل التعاون والتفاعل بين المرأة والرجل في البيت والعمل والمجتمع, وكذلك مدى قدرة الدولة على توفير مستلزمات تنمية علاقة واقعية سليمة ومتطورة بين المرأة كانسان عامل وكأم في آن من جهة ثانية.
ما هو واقع العراق في ظل هذه المعايير؟
إن دراسة المجتمع العراقي وتطوره خلال العقود الأخيرة اقتصادياً واجتماعياً وحضارياً تشير إلى الوقائع التالية:
1. استمرار سيادة العلاقات الإنتاجية شبه الإقطاعية وتقاليدها وعاداتها, بما في ذلك العلاقات العشائرية التي تعود إلى حد ما إلى فترة العلاقات الأبوية التي تسبق العلاقات الإنتاجية الإقطاعية في الريف, ولكن تعكس تأثيراتها وممارساتها البارزة على المدينة بشكل كبير وبشكل خاص في المجتمعات أو الجماعات الاجتماعية المهمشة اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وثقافياً من قبل الدولة والمجتمع والمنحدرة في أغلبها من أصل ريفي فلاحي أو بدوي ولم تدخل عالم الصناعة والعلاقات الإنتاجية الرأسمالية. وهي علاقات تحترم المرأة نسبياً في داخل العائلة, ولكنها تحتقرها خارج إطار العائلة والمجتمع وتعتبرها ناقصة العقل وعاجزة عن التفكير والتصرف العقلاني وهي دونية ينبغي الحذر منها, إذ حتى عندما يأتي ذكر المرأة في حديث بين الرجال يرفقها الرجل "حاشاك!", وكأنها شيئاً محتقراً أو غير نظيف وليست إنساناً كالرجل. وهو تعبير يحط من قدر الأنثى, وكأن الذكور يتحدثون عن شيء لا قيمة له بل أن ذكره يسيء للإنسان الذكر الذي هو "أعلى خلقاً وأكثر عقلاً وأوفر حصافة وقدراً من الأنثى في المجتمع!". والعلاقات الإنتاجية شبه الإقطاعية ترتبط بالإنتاج الزراعي في الريف الذي يعتمد الزراعة اليدوية والأدوات البالية التي تؤثر على ضعف مستوى الإنتاجية والإنتاج ومستوى المعيشة للغالبية العظمى من الفلاحين مما يجعل حياة الفلاحين في فقر مدقع ودين دائم, في حين يهيمن الإقطاعي على القسم الأعظم من الريع المنتج من جهد الفلاحين لصالحه ولصالح أفراد عائلته وسراكيله. ويحرم هذا الواقع الغالبية العظمى من الفلاحين بشكل عام, وخاصة الفقراء والمعدمين منهم, من القدرة على التعلم والتمتع بالثقافة وفهم أمور الحياة بشكل أعمق, علماً بأن المرأة في الريف تُستغل بشكل مريع وأكثر من الرجل في أحايين كثيرة, فهي التي تنجب الأطفال وتقوم على تربيتهم, وهي التي تمارس الطبخ وتنظم وتنظف الدار, وهي التي تساهم في أعمال الحقل وتذهب لتسويق المنتجات الزراعية في السوق المحلية, ولكنها, ورغم كل ذلك, غير مستقلة اقتصادياً عن الرجل, بل خاضعة وتابعة لسطوته وهيمنته الكاملة اجتماعياً واقتصادياً, ولكنهما يخضعان معاً, أي المرأة والرجل, لنفوذ الإقطاعي وسطوته المالية وهيمنته الكاملة واستغلاله البشع. والمجتمع العراقي لم ينفض عن نفسه هذه العلاقات, رغم صدور قانون الإصلاح الزراعي بعد ثورة تموز 1958, فأن المرحلة التي تلت ذلك, وخاصة في فترة الثمانينات وما بعدها عاد المجتمع إلى تلك العلاقات الاستغلالية المتخلفة والمعرقلة للتطور الصناعي لتفرض نفسها في الواقع الحياتي المعاش في الريف والمدينة. ولا شك في أو أوضاع المرأة في المدينة تختلف إلى حد ما عن أوضاعها في الريف, ولكنها تعاني من انتقال علاقات الريف إلى المدينة, وخاصة في المرحلة الراهنة. ورغم وجود نسبة لا بأس بها من المتعلمات, إلا أن الكثيرات منهن يعانين من البطالة المزمنة. وأصبحت حالياً حبيسة البيت والمطبخ وتربية الأطفال وسجن العباءة الظالم والحرمان من أغلب الحقوق والواجبات الحقيقية في المجتمع. وعندما تحرم النسبة العظمى من النساء من العمل والحصول على أجر مناسب, فهن لا يتمتعن بأي استقلال اقتصادي ولا بحريتهن, وبالتالي فهن خاضعات وتابعات للذكور.
2. والحياة السياسية في العراق على امتداد العقود الثمانية المنصرمة لم تكن في الغالب الأعم سوى حياة خالية من ممارسة النصوص الدستورية, سواء أكانت تلك النصوص دستورية دائمة أم مؤقتة, رغم أن تلك الدساتير كانت تتضمن بعض المبادئ الديمقراطية العامة, ولكن الممارسة العملية لها كانت تشير إلى عكس ذلك وخاصة في العقود الأربعة الأخيرة. فالمجتمع خلال فترة حكم البعث الصدامي لم يعرف الحرية والديمقراطية واغتيلت بالكامل حقوق الإنسان وحريته وكرامته, بما في ذلك حقه في الحياة, بصيغ وأساليب وأدوات شتى. وكانت حصة المرأة تمثل الجزء الأكبر من الحرمان والظلم والعذاب والتمييز المقيت في كل شيء. فإذا كانت حصة الرجل الزج في الحروب ليحمل السلاح ويقابل الموت يومياً وسقط منهم مئات الألوف, فأن المرأة فقدت حتى ذلك الجزء الضئيل من الحرية التي تمتعت بها في العهد الملكي, وخاصة الفئة الأرستقراطية أو الفئة المثقفة, أو في العهد الجمهوري الأول وفق قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959, رغم كل نواقصه الجدية. وتعرضت المرأة إلى الموت تماماً كما تعرض الرجل في إطار الاعتقالات والتعذيب والحملات العسكرية التي نظمها النظام الاستبدادي ضد المجتمع, وخاصة ضد الشعب الكُردي والقوميات الأخرى في كُردستان العراق والعراق عموماً, وضد عرب الأهوار والوسط والجنوب, أو ضد الكُرد الفيلية, أو في ولوج السجون والتعذيب والموت تحت التعذيب أو التهجير الإجباري. كما تحملت مع أطفالها الكثير من المعاناة بما في ذلك جرائم الحرب وسقوط القنابل والصواريخ على رؤوس المدنيين في تلك الحروب القذرة وموت الكثير من البشر بسببها. وعلينا أن نتذكر معاناة المرأة في فترة الحصار الاقتصادي الدولي ضد المجتمع العراقي بحجة معاقبة نظام الحكم الدموي وتحمل تبعاته حيث سقط الكثير من البشر نتيجة ذلك, ومنهم الكثير من النسوة والأطفال.
3. لم تتمتع المرأة بحريتها واستقلالها الاقتصادي ونشاطها الاجتماعي ولم تُظلم من قبل الدولة والحكومة وحدهما فحسب, بل من قبل المجتمع, والذكور منهم بشكل خاص. وهي إشكالية مرتبطة بالعامل الأول. والدستور المدني العراقي الجديد, الذي لا يزال يغيب حقوق المرأة الأساسية ويعزز من الحالة السيئة الراهنة التي تواجهها المرأة العراقية, وهي اليوم ليست حبيسة الدار والمطبخ والعباءة فحسب, بل وحبيسة الإرهاب الذي يمارسه في الغالب الأعم الذكور, وهي حبيسة تخلف الغالبية العظمى من النسوة والجهل الكبير واستخدام الدين والشريعة كسلاح متحيز من قبل الذكور ضد النسوة وحريتهن. ورغم اعتراف دولة العراق بلائحة حقوق الإنسان منذ إقرارها في العاشر من كانون الأول/ديسمبر 1948, فإنها لم تجد التطبيق الفعلي, بل داس جميع الحكام في العراق, ومعهم الغالبية العظمى من رجال الدين في المؤسسات الدينية العراقية, عليها بالأقدام, وعندما حاول عبد الكريم قاسم إجراء تغيير نسبي على وضع المرأة باتجاه التغيير والتحسين النسبي وفق ما جاء في قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959, هبت ضده كل قوى الظلام والتخلف, وخاصة جمهرة كبير من الذكور ورجال الدين منهم على وجه أخص, وشنت ضده حملة ظالمة في هذا المجال, لأنه أراد سحب بعض الامتيازات الممنوحة للرجل ومنح المرأة بعض حقوقها, من بينها الحد من تعدد الزوجات والإرث والطلاق ...الخ. وشاركت هذه القوى الظلامية بدورها في التأليب ضد قاسم من هذا المنطلق وساهمت في إسقاطه, وهي لا تزال تحمل رايات الظلام لتجهز على المرأة مباشرة. لا شك في أن ظروف المرأة ومكاسبها في كُردستان هي أفضل بكثير من المرأة العربية وغيرهن اللواتي يعشن في القسم العربي من العراق, وفي مقدورها أن تلعب دوراً طليعياً لتغيير أوضاع المرأة في سائر أرجاء العراق, وهو ما يفترض أن تنهض به في هذه الفترة بشكل خاص. مع العلم بأنها بحاجة ماسة على المزيد من النضال لتكريس تلك المكاسب وتطويرها وتعزيز قاعدتها المادية المجتمعية والفردية.
ما هي المشكلات التي تواجه المرأة مباشرة في المرحلة الراهنة؟
هناك الكثير من الأسئلة التي يفترض فينا طرحها والإجابة عنها في كتاباتنا وحواراتنا الفكرية والسياسية, ومنها مثلاً:
• هل النساء يفهمن مشكلاتهن الفعلية التي تواجههن يومياً؟ وإذا كان كذلك لم لا يناضلن بشكل واسع ضد هذا الواقع؟ أم أن المشكلة تكمن وراء التفسير الخاطئ لأسباب المشكلات واعتبار ذلك قدراً إلهياً لا مناص منه؟
• هل تلعب القوى الإسلامية السياسية عموماً دورها في التغطية على التفسير الأسلم والأكثر عقلانية لمشكلات المرأة ودفعها للتفكير باتجاه غيبي محبط؟ إلا يلعب التفسير الإسلامي السياسي لأوضاع المرأة دوره في التغطية على الصراعات الاجتماعية وخاصة الطبقية لصالح الصراعات الطائفية والهامشية التي يواجهها المجتمع في العراق حالياً؟
• هل الواقع السياسي الراهن وتعقيداته وتشابكاته في العراق يسمح بتطوير دور المرأة ونضالها في سبيل انتزاع حقوقها من المجتمع الذكوري السائد وتقاليده الجلفة في التعامل مع المرأة؟
• هل يمكن للمرأة الديمقراطية واللبرالية والعلمانية أن تلعب دورها في توسيع قاعدة تأثيرها ونشر منظومتها الفكرية والسياسية المرتبطة بالحقوق الأساسية والمساواة مع الرجل؟
• هل يلعب السياسيون الذكور عموماً دوراً سلبياً معرقلاً لتطور وتنامي دور المرأة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية وفي انتزاع حقوقها المتساوية مع الرجل؟
كل المؤشرات التي لدينا تؤكد إن غالبية المؤسسات الدينية ورجال الدين والقوى السياسية, وخاصة غير الديمقراطية, تساهم في إعاقة تقدم المرأة وتطورها وضمان انتزاع حقوقها المشروعة. ولو ألقينا نظرة فاحصة على المجتمع العراقي الراهن لوجدنا المشكلات التالية:
§ تراجع حقيقي للمرأة عن المشاركة في الحياة الوظيفية والخدمة العامة وفي النشاط الاقتصادي, وبالتالي تبعية فعلية للرجل في تأمين لقمة العيش والملبس والمأوى.
§ تراجع فعلي في دور المرأة في الحياة الاجتماعية والثقافية وفي التأثير الإيجابي على المجتمع وفي حياة الأندية الفكرية والرياضية والمحافل الثقافية. وتشير بعض الإحصائيات إلى تنامي الأمية في صفوف المجتمع في الريف والبادية إلى 75 % بين الرجال و98 % بين النساء في الوقت الحاضر.
§ تراجع شديد في عدد الطالبات في المدارس والمعاهد والجامعات بما يعكس موقف الرجل من المرأة وحالة الإرهاب التي لا تقتصر على الاختطاف والابتزاز المالي والاغتصاب الجنسي فحسب, بل ومعرضة للموت أيضاً. وكل المعطيات المتوفرة تشير إلى ذلك بصراحة كاملة.
§ انتشار البطالة بشكل واسع في صفوف الإناث ويشكل أضعاف حجم البطالة في صفوف الذكور, إضافة إلى التمييز الصارخ في الأجور. ويشار إلى أن نسبة البطالة في العراق تتجاوز ال 60 % من إجمالي عدد القادرين على العمل, ولكنها متباينة في نسبتها بين الرجال والنساء في غير صالح النساء.
§ تنامي عدد الأرامل بسبب الحروب الماضية وبسبب الإرهاب الدموي الذي يقتل العشرات يومياً ويحيل الكثير من النساء إلى أرامل والأطفال إلى يتامى ويخل بالتوازن المطلوب في التناسب بين عدد الإناث وعدد الذكور في المجتمع.
§ تنامي عدد النساء العازبات اللواتي تجاوز عمر كل منهن الثلاثين سنة واللواتي لا يحملن شهادات أو عجزن عن الحصول على فرصة عمل شريفة.
§ تفاقم أزمة السكن التي تسحق يومياً وتحيل الكثير من العائلات الفقيرة والكادحة وخاصة النساء الأرامل والمطلقات مع أطفالهن إلى العيش في ظل ظروف قاسية ومريرة وحرمان مطلق, أو تتكدس أربع إلى خمس عائلات في دار واحدة تزدحم بالأطفال وانعدام الحياة الطبيعية الخالية من المشاكل.
§ التأثير الصارخ لرجال الدين الرجعيين والمؤسسات الدينية المتخلفة, وليس لبعض علماء الدين الذين يتفاعلون مع العصر الحديث والتغيرات الطارئة على الحياة, وكذلك المشعوذين والسحرة واللاعبين بعقول كثرة من الذكور البسطاء والمسيطرين على عقول نسبة كبيرة من النساء وعلى تصرفاتهن وممارساتهن اليومية.
§ انغمار المرأة في ضوء العلاقة مع رجال الدين والفتاوى في الغيبيات واعتبار أن ما يصيبها هو قدرها المكتوب عليها وليس في مقدورها رد المكروه عنها.
§ ارتفاع نسبة الجريمة المرتكبة بحق النسوة من حيث الاختطاف والابتزاز والاغتصاب الجنسي والاعتداء بالضرب والاضطهاد والقمع غير المعهودين. وعلينا أن نؤكد بأن المرأة تعاني من انتشار البغاء النسوي لا لرغبة فيه بل لأسباب اقتصادية واجتماعية قاهرة. وعلينا هنا أن نذكر بأن نسبة السكان الذين يعيشون اليوم تحت خط الفقر المحدد دولياً تصل إلى 55 %, إضافة إلى أن هناك نسبة أخرى عالية تقف على خط الفقر أو ترتفع عنه قليلاً, في بلد يعتبر واحداً من أغنى دول العالم في امتلاكه للنفط الخام.
§ تفاقم الفساد في الدولة والمجتمع حيث تعاني المرأة في ظل هذا الفساد وخاصة في المحاكم الشرعية والمدنية حيث لا يمكن تمشية حالة واحدة دون رشوة ...الخ.
§ وقوع المرأة حبيسة العباءة المركبة والحجاب الخانق الذي لم يأمر به القرآن ولا السنة المحمدية ولا الخلفاء الراشدين ولا علماء الدين المدركين لأمور الدين والدنيا, بل بعض أولئك الذين يقرأون الدين بصورة خاطئة وغير عقلانية وظالمة أو يمارسونها كما جاءت دون الأخذ بالاعتبار تغير الزمان والمكان والظروف وفق ما يريدونه مسبقاً للنساء المسلمات. إنها تجسد الرغبة الجامحة لدى الرجال في الهيمنة على المرأة والغيرة غير العقلانية والأنانية الشرسة ضد المرأة, وهي تنطلق من وعي مسطح ونزعة جنسية ذكورية إزاء المرأة. إن من ينظر إلى المرأة المثقفة والمتعلمة في عراق اليوم, تلك المرأة التي كانت قبل أربعة عقود قد وضعت العباءة جانبا, يراها قد عادت إلى العشرينات من القرن العشرين, وهي أزمة فكرية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية يعيشها الشعب العراقي وتعيشها المرأة بالذات, كما يلعب الإرهاب الديني والدين المشوه دوراً كبيراً في كل ذلك, وهو ما يفترض مواجهته والتصدي له بكل حزم. إن إرهاب بعض المؤسسات الدينية وجمهرة كبيرة من رجال الدين الموجه ضد المجتمع وضد الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان يتوجه بدرجة أكبر ضد المرأة وهو الذي يفترض أن يسقط . إن الشارع حتى الآن محجوز للمليشيات الطائفية السياسية الإرهابية, إضافة إلى قوى الإرهاب الأخرى المعروفة لنا جميعاً.
§ وإذا كانت المرأة قد وضعت في مجلس الحكم الانتقالي ثم في الحكومات المتعاقبة واختيرت أو انتخبت ضمن أعضاء مجلس النواب في الدورات السابقة, فذلك جاء بتأثير نضال المرأة وعنادها الصارم والصحيح وكذلك بتأثير دور المدنيين العلمانيين الديمقراطيين واللبراليين في صفوف القوى السياسية العراقية, لا بتأثير المجتمع العراقي أو القوى التي لا تريد الخير للمرأة. النضال في سبيل تغيير المجتمع وواقع المرأة الراهن
ضرورات التغيير
إن متابعة جادة للوضع في العراق سنتلمس إشكاليات كثيرة تعيق حركة المجتمع وحركة المرأة في سبيل حقوقها, إذ أن الصراعات الدولية والإقليمية تدور اليوم في العراق بقوى عراقية وأخرى أجنبية في آن واحد. فالمجتمع العراقي في المرحلة الراهنة يعاني من مشكلات كثيرة معقدة ومتشابكة وذات تأثير مباشر على وجهة تطوره الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والبيئية. وما يعيشه المجتمع حالياً هو حصيلة فعل وتفاعل تلك المشكلات التي تتجلى في الأحداث اليومية والموت الواسع والخراب المتفاقم والقصور في توفير مستلزمات الخلاص منها. فالمجتمع العراقي يواجه اليوم:
• إستراتيجية تمارسها الولايات المتحدة في العراق والشرق الأوسط تتعارض مع رؤية دول المنطقة إستراتيجيات دول الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين وتتعرض للصراع داخل الولايات المتحدة.
• إستراتيجية تمارسها الدولة الإيرانية الإسلامية التي تصطدم مباشرة مع الاستراتيجيات الغربية ومع رؤية ومصالح الدول العربية وتتناقض وتتعارض مع مصالح العراق وتنطلق من الرغبة في لعب الدور الإقليمي الأول في المنطقة مع تصدير الثورة الإيرانية والعمل من أجل نشر المذهب الشيعي ألصفوي على صعيد الدول الإسلامية.
• رؤية أكثر مما هي إستراتيجية تمارسها الدول العربية والجامعة العربية, إذ أنها خليط مشوه ناشئ عن نهج محافظ رجعي من جهة, وموقف قومي ملتبس ويميني من جهة أخرى, وطائفية سياسية تمييزية من جهة ثالثة, كلها تتفاعل لتلحق إضراراً واسعة بمجتمعات هذه الدول.
• إستراتيجيات وسياسات يومية تمارسها قوى وأحزاب سياسية متنوعة في دول المنطقة تجسد تناقضاتها وصراعاتها من أجل السلطة والنفوذ والهيمنة والموارد المالية.
• إستراتيجيات تمارسها المؤسسات الدينية وجمهرة واسعة من رجال الدين غير المتنورين المهيمنين على الشارع في دول المنطقة وتحكمها في وجهة الغالبية العظمى من السكان الذين ينتمون إلى أديان وطوائف مختلفة وكثيرة.
• إستراتيجيات تمارسها قوى الإرهاب الدولية والإقليمية والمحلية والتي تسعى للهيمنة على الحكم, ولكنها راغبة بشدة في إشاعة الفوضى والخراب والموت في أرجاء البلاد.
في مقابل هذا الواقع المتشابك للتناقضات والصراعات اليومية نلاحظ الوقائع التالية من طرف آخر, وهي:
• غياب فعلي لإستراتيجية واضحة للقوى الديمقراطية والعلمانية العراقية, إضافة على ضعف دورها وتأثيرها في أحداث العراق وفي العلاقة مع المجتمع, وخاصة مع الفئات الكادحة والمهمشة.
• غياب التوافق والتناغم في إستراتيجيات القوى الديمقراطية العربية وقوى التحالف الكردستاني, إضافة على وجود تباين في وجهات النظر إزاء العديد من القضايا مما يعيق الوصول إلى رؤية مشتركة وتعاون فعلي في ما بينها.
• غياب فعلي لدور فعال ومؤثر ويومي للمثقفات والمثقفين في العراق ودور السياسيين في تغييب وعزل هذه الفئة المتنورة عن فئات المجتمع الأخرى والتي تقود إلى بروز إشكاليات جديدة.
• تفاقم السلوك الطائفي السياسي لا من طرف واحد دون آخر, بل تفاقم المسعى لدى الطرفين في تكريس الاصطفاف والاستقطاب الفكري والسياسي المذهبي, الذي يقود بدوره إلى المزيد من الصراعات السياسية والموت لمزيد من البشر من الجانبين.
• ضعف مشاركة المرأة في مجمل العملية السياسية, وجمهرة غير قليلة من العاملات في الحقل السياسي وفي البرلمان يرتبطن بقوى سياسية إسلامية ومحافظة جداً ويصعب عليهن التعبير عن مصالح المرأة في العصر الذي نعيش فيه, إذ أنهن يعدن لعصر فائت لا مكان له في هذا العصر.
إن المشكلات الملموسة المرتبطة بشؤون المرأة تطلب معالجة جادة من جهة, ولكنها تتطلب في الجانب النسوي النضال العنيد من أجل تحقيق مكاسب يومية وبالتدريج إن تعذر غير ذلك, إذ أن تغيير الواقع العراقي وبنية المجتمع هو الطريق الأسرع والأضمن لتأمين حقوق المرأة ومساواتها بالرجل.
• يفترض إجراء تعديلات في الدستور في ما يخص تحقيق المساواة الدستورية التامة بين المرأة والرجل في كل الميادين والمستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية والفنية والعسكرية دون استثناء ويمنع تعدد الزوجات وحماية الأطفال وصيانة حقوقهم.
• إصدار قانون خاص يستند إلى لائحة حقوق المرأة الدولية, وإلغاء جميع القوانين المخالفة للائحة حقوق الإنسان ولائحة حقوق المرأة الدولية وتلك التي تستهين بدور المرأة ومكانتها في المجتمع أو تمارس التمييز ضدها.
• رفض أي شكل من أشكال التمييز إزاء المرأة وإدانته ومكافحته وتقديم من يمارسه إلى القضاء لمقاضاته.
• فرض التعليم الإلزامي المجاني للبنات والبنين إلى الصف العاشر المتوسط ومعاقبة الآباء والأمهات الذين يقفون بوجه تعليم أطفالهم.
• دعم جهود المرأة في مكافحة أمية كبار السن وخاصة في الريف, وكذلك النهوض بمستواها التعليمي والثقافي وقدرتها على مزاولة مختلف النشاطات الفكرية والثقافية والاجتماعية والفنية وتشكيل منظماتها غير الحكومية.
• دعم جهودها للحصول على فرص عمل وضمان استقلالها الاقتصادي وأجر مساو لأجر الرجل لعمل مماثل.
• حق المرأة في احتلال جميع المناصب في الدولة ابتداءً من رئاسة الجمهورية وانتهاءً بالوزراء ورؤساء المؤسسات وكبار الموظفين والمستخدمين والقضاء العراقي ومجلس النواب والمجالس البلدية والتطوع في القوات المسلحة ... الخ.
• تأمين فرص مناسبة لضمان مساعدة المرأة في تحمل أعباء تربية الأطفال مع الرجل ومن خلال فتح دور الحضانة ورياض الأطفال ... الخ.
• إصدار قانون يحرم تعريض الأطفال والصبية إلى الضرب في البيت أو المدرسة أو في أي مكان آخر وحمايتهم ومنع تشغيلهم وإلزامه بدخول المدرسة حتى نهاية الصف العاشر, أي نهاية الدراسة المتوسطة, وتأمين الظروف المناسبة لنشأتهم على أسس صحيحة.
• احتلال المرأة موقعها المناسب في مختلف المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتخصيص نسبة مناسبة لها تقترب تدريجاً ومع تطور دورها ونسبتها في عدد السكان.
• رفض القيود التي يراد فرضها على المرأة من خلال تطبيق الشريعة, التي هي من عمل الذكور بالأساس ومتباينة من مشرع إلى آخر ومن بلد إسلامي إلى آخر, ووضع قانون الأحوال الشخصية الذي يتماشى مع روح وحضارة العصر الحديث الذي نعيش فيه والحقوق التي حققتها المرأة على الصعيد الدولي.
• رفض مبدأ تعدد الزوجات وحماية المرأة من اضطهاد الرجل وتطبيق لائحة حقوق المرأة الصادرة عن الأمم المتحدة بالكامل.
• رفض إلزام المرأة المسلمة بارتداء الحجاب أو العباءة, وتركها تمارس ما تريده ومساعدتها على الخلاص من أي قيد يحد من حريتها وحركتها وتنقلاتها داخل وخارج الوطن ونشاطها ومشاركتها في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقوات المسلحة وقوات الشرطة وشرطة المرور والأمن الداخلي.
• تحريم التجاوز على المرأة أو ضربها وتحريم ما يطلق عليه "القتل من أجل غسل العار" ومعاقبة صارمة لفاعليه ومروجيه والمدافعين عنه, فالمحاكم المدنية هي المسئولة عن البت في مثل هذه الأمور.
• تحريم عقوبة الإعدام على المرأة والرجل وشطبها من الدستور الدائم واستبدالها بالحكم المؤبد.
إن مثل هذه البنود تستوجب إقامة دولة فيدرالية مدنية ديمقراطية حديثة تأخذ بمبدأ الفصل بين السلطات واحترام استقلالية القضاء والفصل بين الدين والدولة مع الاحترام الكامل لكل الأديان والمذاهب والأفكار والاتجاهات السياسية السلمية ورفض العنف في الوصول إلى السلطة أو فرض الرأي الواحد.
إذا كان هذا الجانب هو الأساس في النضال من اجل انتزاع حقوق المرأة وتأكيدها تشريعاً, فإن المجتمع العراقي, وخاصة المرأة, بحاجة إلى نضال خاص مع نفسها وإقناع ألذات بأهمية تمتعها بحقوقها المشروعة وعدم الرضوخ لهيمنة الرجل أو القبول بالتبعية له. وهي عملية نضالية ليست اقل أهمية من الشق الأول, إذ أن ثقافة القرون والعقود المنصرمة المناهضة لحقوق المرأة ودورها في المجتمع جعلت المرأة تعتقد بأن لا حقوق لها وأن الله قد كتب عليها العيش بهذه الصورة لا غيرها, وأن أفضل ما تقوم به هو إرضاء وإمتاع زوجها لا غير. إن النضال لتغيير هذه النظرة الأحادية الجانب من جهة والمغتصبة لحقوق المرأة من الجانب الآخر, وتغيير ما في النفس, أصعب بكثير من القيام بثورة ضد القيم القديمة البالية والراسخة في أذهان الناس. إن مهمة الرجال هو الاقتناع بذلك أولاً ثم البدء بممارسته في البيت والمحيط الذي يعيشون ويعملون فيه وفي عموم المجتمع, إنها عملية معقدة ولكن لا مناص منها.
كما أن من واجب المرأة الواعية لحقوقها وواجباتها في البيت والمجتمع والدولة أن تمارس النضال لإقناع النسوة اللواتي يعملن معها والمحيط الذي تعمل وتعيش فيه والمجتمع, إذ بدون ذلك لن تتحقق النتائج المرجوة. علينا أن نعمل لإقناع النساء, كل النساء, بحقوقهن المشروعة والعادلة وواجباتهن في المجتمع.
ويمكن لمنظمات المجتمع المدني النسوية ومنظمات حقوق الإنسان والمنظمات الإنسانية الأخرى أن تلعب دوراً كبيراً في هذا الصدد. والخطوة الأساسية على هذا الطريق تبدأ بالتخلص من الجهل والأمية التعليمية والسياسية, ومن ثم الثقافية والحضارية. إن التغيير إزاء المرأة يفترض أن يشمل المرأة والرجل في آن واحد, إذ بدون ذلك يصعب الوصول إلى مجتمع متوازن وعقلاني ومدني وعلماني سليم.
لقد حققت المرأة بفضل وعي جمهرة كبيرة من المناضلات المتميزات بالوعي والثقافة والشجاعة بعض المكاسب المهمة تشريعاً, ولكنها ما تزال شكلية مثل 25 % من عضوية مجلسي النواب والوزراء وفي مختلف المواقع المهمة. إلا أننا بحاجة إلى جملة من الإجراءات المهمة نشير إليها بسرعة فيما يلي:
1. تكريس حق المرأة في احتلال بين 35-40% من المقاعد والمناصب الحكومية وفي مختلف الوزارات والدوائر الرسمية وفي مختلف النقابات والمنظمات المهنية حيث يكون العمل مختلطاً. ويفترض أن لا تتوقف هذه النسبة حجر عثرة في طريق زيادة نسبة المرأة في حالة توفر الكفاءة والمقدرة، إذ أن مظاهر الغبن والقهر والتبعية التي تعرضت لها المرأة طيلة القرون والعقود المنصرمة شديدة جداً لا بد من تجاوزها بسرعة وحيوية. ويمكن زيادة هذه النسبة مستقبلاً بما ينسجم ونسبة المرأة المتعلمة والمثقفة والواعية لدورها في المجتمع.
2. دعم الجهود المبذولة حالياً لمكافحة الأمية بين النساء الكبار عبر تنشيط الدورات الحكومية ومدارس مكافحة الأمية ودورات الجمعيات المهنية والمدارس المسائية.
3. تطوير دور المنظمات النسوية المهنية والديمقراطية وتقديم كل أشكال الدعم من أجل ربط المرأة بهذه التنظيمات غير الحكومية ومساعدتها لتطوير دورها الثقافي والاجتماعي والمدني.
4. الأخذ بمبدأ التعليم المختلط بين البنات والأولاد في كل مراحل الدراسة لما في ذلك من تأثير إيجابي على العلاقات الإنسانية غير المعقدة بين الإناث والذكور والتعليم بروح المساواة والرؤية السوية للبنت والولد، وضمان التقدم والتطور في التكوين الثقافي الإنساني للمرأة.
5. تدريس مبادئ حقوق الإنسان واتفاقية حقوق المرأة السياسية واتفاقية مناهضة التمييز ضد المرأة واتفاقية حقوق الطفل وتحريم التعذيب ... الخ في مختلف المدارس والمعاهد والكليات والجامعات العراقية بما يحقق وعياً مشتركاً بالحقوق المتساوية بين النساء والرجال، إضافة إلى إلقاء المحاضرات التثقيفية حول حقوق المرأة في المعامل والمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص.
6. دعم جهود المرأة للمشاركة في النشاط الرياضي والاجتماعي والفني بمختلف فروع الإبداع.
7. تحريم الاعتداء وما يسمى بتأديب المرأة تشريعاً ومعاقبة من يمارس ذلك. وتحريم القتل بحجة غسل العار وإنزال أشد العقوبات القانونية بفاعليه، ومنع ضرب الأطفال ومعاقبة من يمارسه.
8. منح المرأة حريتها التامة في التخلص من قيود الحجاب الراهنة وغيرها من القيود المجحفة التي تتجاوز حتى المنصوص عليها في القرآن والسنة كثيراً وجعلتها في سجن إضافي للسجون النفسية والذهنية التي تعيش فيها حالياً.
9. تأمين برامج تلفزيونية وإذاعية ووسائل إعلامية أخرى للمرأة لتمارس دورها فيها وتطرح من خلالها مشكلاتها وتطلعاتها ومشروعاتها الراهنة والمستقبلية وتعبئة النساء حول أهداف نضال المرأة.
10. تأمين مستلزمات مساعدة النساء المعوقات في التعليم والتوظيف والمعالجة المجانية وتوفير ما يمكن من وسائط النقل الخاصة أو توفير الراحة لهم ...الخ. وهذا الأمر يتطلب من الدولة وأجهزة الهندسة المدنية أن تفكر بالطريقة التي تساعد المعوقات والمعوقين ومن كبار السن من النساء والرجال على ممارسة الحياة العامة والتنقلات بصورة إنسانية مرضية.
11. العمل من أجل مكافحة البطالة المنتشرة بشكل خاص بين النساء وضمان حقهن في العمل في جميع المجالات دون استثناء وحصولهن على أجر مساو لأجر الرجل في العمل المماثل، وتوفير مستلزمات عمل المرأة وفق حاجاتها كامرأة وأم ومربية ومنتجة في آن واحد، وتأمين مستلزمات رعاية الطفولة وتخفيف العبء عن المرأة وتأمين تسهيلات الدولة لرعاية العائلة.
12. تطبيق مبدأ تحريم الزواج بأكثر من امرأة واحدة، مع تنظيم الحالات الاستثنائية بقانون مدني حضاري. وقضايا الطلاق بصورة مدنية, والمعاملة المتساوية للزوجين أمام القانون وإزاء المسؤوليات العائلية.
13. إقرار مبدأ مشاركة الرجل في العمل المنزلي وتربية الأطفال والكف عن استمرار هيمنة المجتمع الذكوري على الحياة العامة وإلقاء عمل البيت والتربية على عاتق المرأة وحدها وحرمانها من حقها في العمل خارج البيت أو التمتع باستقلاليتها. ويستوجب الأمر أن يتساوى الرجل والمرأة في تحمل مسؤولية إدارة شؤون المنزل وتربية الأطفال وتأمين الحالة الاقتصادية للعائلة.
14. ضمان تكريس حق المرأة الكامل دستورياً في احتلال جميع المراكز والمناصب الحكومية ابتداءً من منصب رئيس الجمهورية ومروراً بالوزارات ودوائر الدولة والقضاء وفي الجيش والشرطة والأمن، بغض النظر عن القومية أو الدين أو المذهب أو الفكر.
15. تشجيع النشر النسوي بمختلف أشكاله وضمان التحاق النساء بالعمل الإعلامي، سواء أكان في الصحافة أم التلفزة أم الإذاعة أم غيرها بشكل يتناسب وحجمها ودورها في المجتمع، ودعم مشاركة النساء في مختلف النشاطات الإبداعية دون استثناء وتوفير السبل المناسبة لنشر نتاجاتهن الفكرية والإبداعية المختلفة.
16. توفير مستلزمات مشاركة المرأة في المؤتمرات والفعاليات المحلية والعربية والإقليمية والدولية بهدف رفع مستوى التبادل العلمي والمعرفي والخبرة في مجال نضال المرأة ودورها في المجتمع والدولة.
ولا شك في أن هناك الكثير من الحقوق والواجبات التي يفترض أن تنظم وأن ينص عليها، سواء أكان ذلك في التعديلات القادمة للدستور الدائم أم في قوانين خاصة أم في نظم وتعليمات إدارية. وأرى بأن علماء الدين الأوفياء لدينهم، أياً كان هذا الدين، ولشعوبهم ووطنهم وقيمهم السليمة يمكنهم أن يلعبوا دوراً مهماً وحيوياً، ويفترض أن يلعبوه، لصالح تنوير المرأة والمجتمع والمشاركة في العملية التنويرية الدينية والاجتماعية لصالح المبادئ والأسس التي تحدثنا عنها في أعلاه والتي تتماشى مع اتجاهات تطور المجتمع البشري.
إن المجتمع العراقي الجديد مؤهل لأن يبني حضارة جديدة ويستفيد من حضارة العصر الجديد لتطوير قدراته وكفاءاته وتعزيز دوره للمساهمة في بناء الحضارة البشرية الحديثة, تماماً أو حتى أفضل من الدور الذي قام به المجتمع العراقي القديم باعتباره أحد المهود الأولى في الحضارة الإنسانية في هذا العالم الواسع الأرجاء. إن الشعب العراقي يقبل بكل مكوناته القومية هذا التحدي الذي يفرضه العصر, والمرأة العراقية, سواء أكانت عربية أم كردية أم تركمانية أم آشورية وكلدانية, وسواء أكانت مسلمة أم مسيحية أم أيزيدية أم صابئية مندائية أم يهودية أم كاكائية أم شبكية, أم من أي دين أو مذهب آخر تؤمن به وتتبعه, ستكون في طليعة هذا الركب الإنساني الحديث. إنها ليست أمنيات فحسب, بل هي طاقات وإمكانيات كامنة يفترض تفجيرها بعناية كبيرة ورعاية تامة ووعي بالمسئولية التاريخية الملقاة على عاتق الجيل الجديد من الشابات والشباب العراقي, ولكنها تبقى مهمة الجميع. وتحقيق ذلك يستوجب بدوره تغيير بنية الاقتصاد التي ستساهم بدورها في تغير بنية المجتمع ووعيه الاقتصادي والاجتماعي وثقافي وقدرته على تحمل المسؤوليات وممارسة الحقوق وأداء الواجبات بشكل مترابط وسليم.
يوم المرأة العالمي
في 27 آب/أغسطس من العام 1910 قدمت المناضلة الاشتراكية الألمانية الراحلة السيدة كلارا تستكن مقترحاً إلى الأممية الاشتراكية الثانية بجعل اليوم الثامن من آذار من كل عام يوماً للنضال في سبيل حقوق المرأة والمساواة مع الرجل وحق المشاركة في الانتخابات ...الخ. وقد أقر ذلك المقترح. ومنذ ذلك الحين حتى يومنا هذا تحتفل المرأة وتؤشر إلى منجزاتها والطريق الذي قطعته لتحقيق مساواتها التامة بالرجل والتعبير عن غصرارها في الوصول إلى ذلك في شتى بقاع العالم.